وقيل (١) : ما يعلم على التفصيل والوقت والمقدار.
والمتشابه بخلافه مثل : وقت الساعة وأشراطها ، ومعرفة الصغائر بأعيانها (٢). فالوقف على قوله : (إِلَّا اللهُ) (٣). ومن وقف على «وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ» ، كان (يَقُولُونَ) في موضع الحال (٤) ، أي يعلمون تأويله (٥) قائلين : (آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا).
__________________
(١) ذكر النحاس في معانيه (١ / ٣٤٤ ـ ٣٤٨) أقوالا كثيرة في المراد بـ «المحكم» ثم قال : «وأجمع هذه الأقوال أن المحكم ما كان قائما بنفسه لا يحتاج إلى استدلال ، والمتشابه ما لم يقم بنفسه ، واحتاج إلى استدلال».
وقال ابن عطية في المحرر الوجيز : (٣ / ١٦ ، ١٧) : «المحكمات : المفصلات المبينات الثابتات الأحكام ، والمتشابهات هي التي فيها نظر وتحتاج إلى تأويل ويظهر فيها ببادئ النظر إما تعارض مع أخرى أو مع العقل إلى غير ذلك من أنواع التشابه ، فهذا الشبه الذي من أجله توصف بمتشابهات ، إنما هو بينها وبين المعاني الفاسدة التي يظنها أهل الزيغ ومن لم يمعن النظر وهذا نحو الحديث الصحيح عن النبي عليهالسلام : «الحلال بين الحرام بين ، وبينهما أمور متشابهات» أي يكون الشيء حراما في نفسه فيشبه عند من لم يمعن النظر شيئا حلالا ، وكذلك الآية يكون لها في نفسها معنى صحيح فتشبه عند من لم يمعن النظر أو عند الزائغ معنى آخر فاسدا فربما أراد الاعتراض به على كتاب الله ، هذا عندي معنى الإحكام والتشابه في هذه الآية ...».
(٢) ذكره الطبري في تفسيره : (٦ / ١٧٩ ، ١٨٠) عن جابر بن عبد الله رضياللهعنه.
قال الطبري ـ رحمهالله ـ : «وهذا القول ذكرناه عن جابر بن عبد الله أشبه بتأويل الآية ...».
وانظر هذا القول في تفسير الماوردي : ١ / ٣٠٥ ، وتفسير البغوي : ١ / ٢٧٩ ، والمحرر الوجيز : ٣ / ١٩.
(٣) اختاره الفراء في معانيه : ١ / ١٩١ ، وعزاه النحاس في معاني القرآن : ١ / ٣٥١ إلى الكسائي والأخفش ، والفراء ، وأبي عبيد ، وأبي حاتم الرازي.
(٤) التبيان للعكبري : ١ / ٢٣٩ ، والبحر المحيط : ٢ / ٣٨٤ ، والدر المصون : ٣ / ٢٩.
(٥) أورد النحاس في معانيه : ١ / ٣٥٤ هذا القول والذي قبله ثم قال : «والقول الأول وإن كان حسنا فهذا أبين منه ، لأن واو العطف الأولى بها أن تدخل الثاني ، فيما دخل فيه الأول ، حتى يقع دليل بخلافه. وقد مدح الله عزوجل الراسخين بثباتهم في العلم ، فدخل على أنهم يعلمون تأويله ...» واختاره مكي في مشكل إعراب القرآن : ١ / ١٤٩ فقال : «عطف على اسم «الله» جل ذكره فهم يعلمون المتشابه ، ولذلك وصفهم الله تعالى بالرسوخ في العلم.