(شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ) : في تبليغ محمد ، أو في تبليغ جميع الرسل كما سمعتم من الرسول الصّادق. أو الشّهادة هي الحجّة وظهور الدّلالة ، أي : قولكم وإجماعكم حجة.
(إِلَّا لِنَعْلَمَ) : ليعلم رسولنا وحزبنا (١) كما يقال : بنى الأمير وجبى الوزير ، أو هو على ملاطفة الخطاب لمن لا يعلم (٢) ، كقولك لمن ينكر ذوب الذّهب : فلتنفخ عليه بالنّار لنعلم أيذوب؟.
أو المعنى [ليوجد أي] (٣) ليكون الموجود كما نعلم (٤) ؛ لأن الموجود لا يخالف معلومه ، فتعلق الموجود بمعلومه فوق تعلق المسبّب بالسبب.
(وَإِنْ كانَتْ) : أي : القبلة (٥) ، أو التحويلة (٦).
__________________
هم وسط ترضى الأنام بحكمهم |
|
إذا نزلت إحدى الليالي بمعظم |
وانظر معاني الزجاج : ١ / ٢١٩ ، وتفسير الماوردي : ١ / ١٦٤.
(١) أورده الطبري في تفسيره : ٣ / ١٥٨ وقال : «إن الله جل ثناؤه هو العالم بالأشياء كلها قبل كونها ، وليس قوله : (وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ) ، بخبر عن أنه لم يعلم ذلك إلا بعد وجوده ... أما معناه عندنا ، فإنه : وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا ليعلم رسولي وحزبي وأوليائي من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه ، فقال جل ثناؤه : (إِلَّا لِنَعْلَمَ) ومعناه : ليعلم رسولي وأوليائي ، إذ كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأولياؤه من حزبه ، وكان من شأن العرب إضافة ما فعلته أتباع الرئيس إلى الرئيس ، وما فعل بهم إليه ، نحو قولهم : فتح عمر بن الخطاب سواد العراق وجبى خراجها ، وإنما فعل ذلك أصحابه ، عن سبب كان منه في ذلك ...».
وانظر تفسير الماوردي : ١ / ١٦٦ ، والمحرر الوجيز : ٢ / ٨ ، وتفسير الفخر الرازي : ٤ / ١١٤.
(٢) هو قول الفراء في معاني القرآن له : ٢ / ٣٦٠ ، وانظر زاد المسير : ١ / ١٥٥ ، وتفسير الفخر الرازي : ٤ / ١١٥.
(٣) عن نسخة «ج».
(٤) تفسير الفخر الرازي : ٤ / ١١٤.
(٥) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره : ٣ / ١٦٤ عن أبي العالية. وبه قال الزجاج في معاني القرآن : ١ / ٢٢٠ ، وانظر تفسير الماوردي : ١ / ١٦٦ ، وتفسير البغوي : ١ / ١٢٣ ، وزاد المسير : ١ / ١٥٥.
(٦) أخرجه الطبري في تفسيره : ٣ / ١٦٤ عن ابن عباس رضياللهعنهما ، ومجاهد ، وقتادة ، موجّه تأنيث «الكبيرة» إلى «القبلة» ، ويقول : اجتزئ بذكر «القبلة» من ذكر التولية والتحويلة ، لدلالة الكلام على ذلك ، كما قد وصفنا لك في نظائره. فيكون ذلك وجها صحيحا ومذهبا مفهوما».