منّا حالكم في اجتناب السحر الذي نعلم فساده والعمل به.
(فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما) : أي : مكان ما علما من تقبيح السحر.
(ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) : وذلك بالتبغيض (١) ، أو إذا سحر كفر فتبين امرأته (٢). وقيل : بالجحد في (وما [أنزل] (٣)).
وصرف ويتعلمون منهما إلى السّحر والكفر لدلالة ما تقدّم عليهما.
كقوله : (وَيَتَجَنَّبُهَا) (٤) أي : الذكرى لدلالة (سَيَذَّكَّرُ) عليها.
(بِإِذْنِ اللهِ) : بعلم الله (٥) ، أو بتخليته ، أو بفعله وإرادته ؛ لأنّ الضّرر بالسّحر وإن كان لا يرضاه عنه (٦) تعالى عند السبب الواقع من الساحر.
وقال : (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) مع قوله : (وَلَقَدْ عَلِمُوا) ؛ لأنه في فريق
__________________
(١) تفسير الطبري : ٢ / ٤٤٧ عن قتادة.
(٢) تفسير الفخر الرازي : ٣ / ٢٣٩.
(٣) عن نسخة «ك» و «ج».
(٤) سورة الأعلى : الآيتان : (١٠ ، ١١).
(٥) قال الطبري ـ رحمهالله تعالى ـ في تفسيره : ٢ / ٤٤٩ : «ول «الإذن» في كلام العرب أوجه منها :
ـ الأمر على غير وجه الإلزام. وغير جائز أن يكون منه قوله : (وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) لأن الله جل ثناؤه قد حرّم التفريق بين المرء وحليلته بغير سحر ـ فكيف به على وجه السحر؟ ـ على لسان الأمة.
ـ ومنها : التخلية بين المأذون له ، والمخلّى بينه وبينه.
ـ ومنها العلم بالشيء ، يقال منه : «قد أذنت بهذا الأمر» إذا علمت به ... وهذا هو معنى الآية ، كأنه قال جل ثناؤه : وما هم بضارين ، بالذي تعلموا من الملكين ، من أحد إلا بعلم الله ، يعني : بالذي سبق له في علم الله أنه يضره».
وانظر تفسير الماوردي : ١ / ١٤٣ ، والمحرر الوجيز : ١ / ٤٢٣ ، وتفسير الفخر الرازي : ٣ / ٢٣٩.
(٦) من المعلوم أن «رضي» يأتي لازما فيتعدى بحرف الجر «عن» نحو قولك : (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) ويأتي متعديا بنفسه نحو قوله : (وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) ، وعليه تكون صحة العبارة إما أن يقال : ولا يرضى عنه تعالى ، وإما أن يقال : ولا يرضاه تعالى ، حيث لم يجر العرف اللغوي باستعمال الفعل لازما متعديا في عبارة واحدة.