وهو إما ـ إن فعلها ـ لئلا يعمل بها (١) ، أو افتعلها السّحرة بعده لتفخيم السّحر (٢) وأنه استسخر به ؛ ولذلك قال : «تتلوا عليه» ؛ لأنّ في الحق : تلا (٣) عنه.
وقيل : (عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ) معناه : على (٤) ذهاب ملكه ، [أي : حين نزع الله عنه الملك] (٥).
(وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ) أي : واتبعوا ذلك ، وأنزل عليهما من السحر ليعلما ما السحر وفساده وكيف الاحتيال به.
(فِتْنَةٌ) : خبرة (٦) [من] (٧) ، فتنت الذهب ، أي تظهر (٨) بما تتعلمون
__________________
رفضهم تنزيله ، وهجرهم العمل به ، وهو في أيديهم يعلمونه ويعرفون أنه كتاب الله ، واتباعهم واتباع أوائلهم وأسلافهم ما تلته الشياطين في عهد سليمان ، وقد بينا وجه جواز إضافة أفعال أسلافهم إليهم فيما مضى ...».
(١) ينظر : متشابه القرآن للقاضي عبد الجبار : (٩٩ ـ ١٠٣) ، وتفسير الفخر الرازي : (٣ / ٢٣٨ ـ ٢٣٩) ، وتفسير القرطبي : ٢ / ٥٤.
(٢) تفسير الفخر الرازي : ٣ / ٢٢١.
(٣) المصدر السابق.
(٤) في «ج» و «ك» : «في ذهاب ملكه».
وانظر هذا المعنى في تفسير الطبري : (٢ / ٤١١ ، ٤١٢).
(٥) ما بين معقوفين عن نسخة «ج».
وقال الفخر الرازي ـ رحمهالله ـ في تفسيره : ٣ / ٢٢١ «أما قوله : (عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ) فقيل : في ملك سليمان عن ابن جريج ، وقيل : على عهد ملك سليمان.
والأقرب أن يكون المراد : واتبعوا ما تتلوا الشياطين افتراء على ملك سليمان ، لأنهم كانوا يقرءون من كتب السحر ويقولون : إن سليمان إنما وجد ذلك الملك بسبب هذا العلم ، فكانت تلاوتهم لتلك الكتب كالافتراء على ملك سليمان».
(٦) تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٥٩ ، وفي تهذيب اللّغة للأزهري : ١٤ / ٢٩٦ : «جماع معنى الفتنة في كلام العرب الابتلاء والامتحان وأصلها مأخوذ من قولك : فتنت الفضّة والذهب إذا أذبتهما بالنار ليتميز الرديء من الجيّد ...».
وانظر لسان العرب : ١٣ / ٣١٧ (فتن).
(٧) عن نسخة «ج».
(٨) في «ك» و «ج» : «أي اختبرته ليظهر ...».