ــــــــــــــــــ
وروى الكليني مرسلا عن أبي عبد الله الصادق عليهالسلام : «أنه كان أسلم». وصرح ابن شهر آشوب بإسلامه كما جاء في ترجمة أخيه أميرالمؤمنين عليهالسلام من أن إخوته طالب وعقيل وجعفر رضياللهعنهم ، وعلي عليهالسلام أصغرهم ، وكل واحد منهم أكبر من أخيه بعشر سنين بهذا الترتيب ، وأسلموا كلهم وأعقبوا إلاطالبا ، فإنه أسلم ولم يعقب. (المناقب ، ج ٣ ، ص ٣٠٤).
ولا يخفى أن زجره هذا يدل على كراهته لقاء النبي صلىاللهعليهوآله والمسلمين في حرب بدر ، فقد دعا فيه على نفسه بأن يكون المغلوب غير الغالب والمسلوب غير السالب ، وذلك يستبطن إرادته النصرة والظفر للمسلمين ، ولا يكون ذلك إلابدافع إقراره بالنبوة وإيمانه بالإسلام.
وروى هذا الرجز بألفاظ أوضح دلالة وأكثر صراحة في الدعاء على نفسه بالغلبة ، فقد روى العلامة المجلسي في البحار ، ج ١٩ ، ص ٢٩٥ ؛ ومرآة العقول ، ج ٢٦ ، ص ٥٦٢ الشطرين الأخيرين منه عن نسخة قديمة من الكافي هكذا :
فاجعله المسلوب غير السالب |
|
وأجعله المغلوب غير الغالب |
وهكذا رواهما ابن قدامة الحنبلي في التبيين ، سوى أنه قدم وأخر. (التبيين في أنساب القريش ، ص ١١١). ورويا في كتب التأريخ والسيرة بصورة تدل على ما ذكرنا ، ففي رواية الطبري وابن الأثير :
فليكن المسلوب غير السالب |
|
وليكن المغلوب غير الغالب |
وروي له شعر آخر يدل على إسلامه وإقراره بالنبوة ، وهو قوله :
لقد حلّ مجد بني هاشم |
|
مكان النعائم والزهرة |
وخير بني هاشم أحمد |
|
رسول الإله على فترة |
راجع : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، ج ١٤ ، ص ٧٨ ؛ الدرجات الرفيعة ، ص ٦٣.
ونسبت هذا الشعر لأبي طالب أيضا ، انظر : شرح أبي طالب واختاره ، ص ٧٨.
ومما تقدم يعلم أن ما قاله ابن قدامة الحنبلي من أنه لم يسلم ، هو مجرد ادعاء لا دليل عليه في خبر ولا أثر ، بل قام الدليل على خلافه (التبيين في أنساب قريش ، ص ١١١).
أما الشعر الذي نسبه ابن هشام في السيرة (ج ٣ ، ص ٢٧) إلى طالب بن أبي طالب في رثاء أصحاب القليب من قريش بعد أحداث معركة بدر ، فالمعروف أن طالبا كان مفقودا في بدر ولم يعرف له أي خبر بعدها ، فيكف روي عنه هذا الشعر؟ فهو إما منحول عليه ، أو أنه غير صحيح النسبة ، وإذا سلمنا بصحة النسبة فإنه يستفاد من الشعر مدحه للرسول صلىاللهعليهوآله وإقراره بكونه خير البشر ، وتذكير قريش بآلاء الله سبحانه حيث يقول :
ألم تعلموا ما كان في حرب داحس |
|
وجيش ابن يكسوم إذ ملأوا الشعبا |
فلولا دفاع الله لا شيء غيره |
|
لأصبحتم لا تمنعون لكم سربا |
فما إن جنينا في قريش عظيمة |
|
سوى أن حمينا خير من وطئ التربا |
إلى آخر القصيدة ، فلعله خلط بين قصيدتين ، ونسبهما إلى طالب ، أحدهما لطالب وهي تجري على هذا النفس ، والاخرى على نفس الوزن والقافية في رثاء قتلى قريش ، وإلا فكيف يمكن التوفيق بين مضامينها المتعارضة.