قد (١) كانت الدنيا غمرتهم (٢) ، فاتخذوا العقار (٣) ، وفجروا الأنهار ، وركبوا أفره (٤) الدواب ، ولبسوا ألين (٥) الثياب ، فصار ذلك (٦) عليهم عارا (٧) وشنارا (٨) إن لم يغفر لهم الغفار ، إذا منعتهم ما كانوا فيه يخوضون ، وصيرتهم إلى ما يستوجبون ، فيفقدون ذلك فيسألون ويقولون (٩) : ظلمنا ابن أبي طالب ، وحرمنا ومنعنا (١٠) حقوقنا ، فالله عليهم المستعان ؛ من استقبل قبلتنا ، وأكل ذبيحتنا ، وآمن بنبينا ، وشهد شهادتنا ، ودخل في ديننا ، أجرينا عليه حكم القرآن وحدود الإسلام.
ليس لأحد على أحد فضل إلا بالتقوى ، ألا وإن للمتقين عند الله تعالى أفضل الثواب ، وأحسن الجزاء والمآب ، لم يجعل الله ـ تبارك وتعالى ـ الدنيا للمتقين ثوابا ،
__________________
وفي المرآة : «قوله عليهالسلام : فلا تقولن رجال ، الظاهر أن قوله : رجال ، فاعل «لا تقولن» ، وما ذكر بعده إلى قوله : «ويقولون» صفات تلك الرجال ، وقوله : ظلمنا ابن أبي طالب ، مقول القول ، وقوله : يقولون ، تأكيد للقول المذكور في أول الكلام ، إنما أتى به لكثرة الفاصلة بين العامل والمعمول. ويحتمل أن يكون مقول القول محذوفا ، يدل عليه قوله : ظلمنا ابن أبي طالب ... وفي بعض النسخ : رجالا ، بالنصب ، ولعل فيه حينئذ حذفا ، أي لا تقولن أنتم : نعتقد أو نتولى رجالا صفتهم كذا كذا».
(١) في «بن» : ـ «قد».
(٢) في «بن» وحاشية «جت» : «قد غمرتهم». و «غمرتهم» أي غطتهم ؛ من قولهم : غمره الماء غمرا واغتمره ، أي غطاه. راجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٦٣١ (غمر).
(٣) العقار ، بالفتح : الضيعة والنخل والأرض ونحو ذلك. النهاية ، ج ٣ ، ص ٢٧٤ (عقر).
(٤) يقال : دابة فارهة ، أي نشيطة حادة قوية ؛ من الفراهة بمعنى النشاط والحدة والقوة. راجع : النهاية ، ج ٣ ، ص ٢٤١ (فره).
(٥) في «د ، بف ، جد» والوافي : «لين».
(٦) في «بح» : ـ «ذلك».
(٧) قال الخليل : «العار : كل شيء لزم به سبة أو عيب». ترتيب كتاب العين ، ج ٢ ، ص ١٣١١ (عور).
(٨) قال ابن الأثير : «الشنار : العيب والعار. وقيل : هو العيب الذي فيه عار». وقال الفيروزآبادي : «الشنار ، بالفتح : أقبح العيب ، والعار ، والأمر المشهور بالشنعة». النهاية ، ج ٢ ، ص ٥٠٤ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٥٩٠ (شنر).
(٩) في البحار ، ج ٣٤ : ـ «ويقولون».
(١٠) في البحار ، ج ٧٧ : ـ «ومنعنا».