بحجة علي عليهالسلام (١) قالوا : يا معشر (٢) الأنصار ، قريش أحق بالأمر منكم ؛ لأن رسول الله صلىاللهعليهوآله من قريش ، والمهاجرين منهم ، إن الله ـ عز ذكره ـ بدأ بهم في كتابه وفضلهم ، وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «الأئمة من قريش».
قال سلمان ـ رضياللهعنه ـ : فأتيت عليا عليهالسلام وهو يغسل رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فأخبرته بما صنع الناس ، وقلت (٣) : إن أبا بكر الساعة على منبر رسول الله صلىاللهعليهوآله ، والله ما يرضى أن يبايعوه بيد واحدة ، إنهم ليبايعونه بيديه جميعا بيمينه (٤) وشماله.
فقال لي : «يا سلمان ، هل تدري من أول من بايعه على منبر رسول الله صلىاللهعليهوآله؟».
قلت : لا أدري ، إلا أني رأيت في ظلة بني ساعدة حين خصمت الأنصار ، وكان أول من بايعه بشير بن سعد (٥) وأبو عبيدة بن الجراح ، ثم عمر ، ثم سالم.
قال : «لست أسألك عن هذا ، ولكن تدري أول من بايعه حين صعد على منبر رسول الله صلىاللهعليهوآله؟».
قلت : لا ، ولكني (٦) رأيت شيخا كبيرا متوكئا على عصاه ، بين عينيه سجادة (٧) شديد التشمير (٨) ، صعد إليه أول من صعد وهو يبكي ، ويقول : الحمد لله الذي لم يمتني من
__________________
(١) في المرآة : «قوله : فخصموهم بحجة علي عليهالسلام ، أي غلب هؤلاء الثلاثة على الأنصار في المخاصمة بحجة هي تدل على كون الأمر لعلي عليهالسلام دونهم ؛ لأنهم احتجوا عليهم بقرابة الرسول ، وأمير المؤمنين كان أقرب منهم أجمعين ، وقد احتج عليهالسلام عليهم بذلك في مواطن».
(٢) في «بن» وحاشية «د» : «يا معاشر».
(٣) في «بن» : + «له».
(٤) في «جت» : «يمينه».
(٥) في «د ، ع ، م ، ن ، بح ، بن ، جد» وحاشية «جت» والوافي : «بشر بن سعد» وابن سعد هذا ، هو بشير بن سعد بن ثعلبة. راجع : اسد الغابة في معرفة الصحابة ، ج ١ ، ص ٣٩٨ ، الرقم ٤٥٩ ؛ الإصابة في تمييز الصحابة ، ج ١ ، ص ٤٤٢ ، الرقم ٦٩٤.
(٦) في «جد» : «ولكن». وفي «د» : ـ «لكني».
(٧) السجادة : أثر السجود في الجبهة ، وبها سمي سجادة. المغرب ، ص ٢١٨ (سجد).
(٨) «شديد التشمير» أي شديد الجد والاجتهاد في العبادة. وفي الوافي : «التشمير : رفع الثوب وإظهار التقشف». راجع : المصباح المنير ، ص ٣٢٢ (شمر).