فلما أثبتت أنه رسول الله صلىاللهعليهوآله ، صرخت به هؤلاء الصابئون (١) : ليس عليك منهم بأس ، فأتاها رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فأمرها فاستقت دلوا من ماء ، فأخذه رسول الله صلىاللهعليهوآله فشرب ، وغسل وجهه ، فأخذت فضلته فأعادته في (٢) البئر ، فلم تبرح (٣) حتى الساعة (٤).
وخرج رسول الله صلىاللهعليهوآله فأرسل إليه المشركون أبان بن سعيد (٥) في الخيل ، فكان بإزائه (٦) ، ثم أرسلوا (٧) الحليس (٨) ، فرأى البدن (٩) وهي تأكل (١٠) بعضها أوبار بعض (١١) ، فرجع
__________________
(١) الصابئ : الخارج من دين إلى آخر ، يقال : صبأ فلان ، إذا خرج من دين إلى دين غيره ، من قولهم : صبأ ناب البعير ، إذا طلع ، وصبأت النجوم ، إذا خرجت من مطالعها. راجع : النهاية ، ج ٣ ، ص ٣ (صبأ).
(٢) في «جت» : «إلى». وفي «بف» : ـ «في».
(٣) في «ع ، بف» : «فلم يبرح». وفي «د ، ل ، جت» : «فلم تنزح». وفي «بن» بالتاء والياء معا.
(٤) «لم تبرح حتى الساعة» أي لم تزل ؛ يعني لمن يزل الماء من تلك البئر وأن البئر باقية إلى اليوم يستقى منها. راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ٣٥٥ ؛ المصباح المنير ، ص ٤٢ (برح).
(٥) في مرآة العقول : «قوله عليهالسلام : أبان بن سعيد ، أقول : ذكر أكثر المؤرخين مكانه بديل بن ورقاء الخزاعي ، ولا عبرة بقولهم في مقابلة الخبر المعتبر».
(٦) في شرح المازندراني : «فكان بإزائه ، يمنعه من الوصول إلى مكة». وفي مرآة العقول ، ج ٢٦ ، ص ٤٤٠ : «قوله عليهالسلام : فكان بإزائه ، أي أتى حتى قام بحذاء النبي صلىاللهعليهوآله ، أو المراد أنه كان قائد عسكر المشركين ، كما أنه صلىاللهعليهوآله كان قائد عسكر المسلمين».
(٧) في الوافي : «أرسل».
(٨) في «ع ، بح ، جت» والبحار وشرح المازندراني : «الجيش». وفي «بف» والوافي : «الخليس». وفي «د ، ل ، م ، ن ، بن ، جد» وحاشية «جت» : «الحبش». وفي شرح المازندراني : «ثم أرسلوا الجيش ، هو جيش بن علقمة الكناني سيد الأحلس ، وفي كتاب إكمال الإكمال حليش باللام ، وفي بعض النسخ : الحلش مكبرا ، والغرض من إرساله إلى النبي صلىاللهعليهوآله ليعلم حاله واستعداده ، ويعلم أنه لماذا جاء ، هل جاء محاربا ، أو جاء زائرا ، فلما رأى البدن في عرض الوادي على هيئة الهدي ، علم أنه جاء زائرا فرجع قبل الوصول إليه إعظاما لما رأى فأخبر أبا سفيان بذلك». المضبوط في الإكمال : «الحليس» باللام والسين المهملة. راجع : إكمال الكمال ، ج ٢ ، ص ٤٩٦.
(٩) قال الجوهري : «البدنة : ناقة أو بقرة تنحر بمكة ، سميت بذلك لأنهم كانوا يسمنونها ، والجمع : بدن بالضم ، مثل ثمرة وثمر». الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢٠٧٧ (بدن).
(١٠) في «د ، ع ، بن ، جد» : «يأكل». وفي «ل» بالتاء والياء معا.
(١١) في شرح المازندراني : «وهي يأكل بعضها أوبار بعض ، كناية عن عض بعضها ظهر بعض ، والمقصود تجردها عن القتب والجهاز ، وهي علامة الهدي ؛ لأن إبل الهدي تساق كذلك».