خرج في ذي القعدة ، فلما انتهى إلى المكان (١) الذي أحرم فيه ، أحرموا ولبسوا السلاح ، فلما بلغه أن المشركين قد أرسلوا إليه خالد بن الوليد ليرده ، قال (٢) : ابغوني (٣) رجلا يأخذني على غير هذا الطريق ، فأتي برجل من مزينة أو من جهينة (٤) ، فسأله فلم يوافقه ، فقال : ابغوني رجلا (٥) غيره ، فأتي برجل آخر ، إما من مزينة وإما من جهينة».
قال : «فذكر له فأخذه (٦) معه حتى انتهى إلى العقبة ، فقال : من يصعدها حط (٧) الله عنه كما حط الله عن بني إسرائيل ، فقال لهم : (ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً [...] نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ) (٨).
قال : «فابتدرها (٩) خيل الأنصار : الأوس والخزرج» قال : «وكانوا ألفا وثمانمائة (١٠).
فلما هبطوا إلى الحديبية إذا امرأة معها ابنها على القليب (١١) ، فسعى ابنها هاربا ،
__________________
تسمى الحديبية ... وإنما سميت هذه الرحلة غزوة مع أنها كانت للعمرة لا للغزاء ؛ لأنها كانت في صورة الغزوة ، أو لقصدها على تقدير منع المشركين». وللمزيد راجع : المصباح المنير ، ص ١٢٣ و ١٢٤ (حدب).
(١) في «د ، بح» وحاشية «م» : «الموضع».
(٢) في «جت» : «فقال».
(٣) قال ابن الأثير : «يقال : ابغني كذا بهمزة الوصل ، أي اطلب لى ، وأبغني بهمزة القطع ، أي أعني على الطلب». النهاية ، ج ١ ، ص ١٤٣ (بغي).
(٤) في مرآة العقول : «قوله عليهالسلام : من مزينة أو من جهينة ، الترديد من الراوي ، ومزينة بضم الميم : قبيلة من مضر ، وجهينة أيضا بالضم : اسم قبيلة».
(٥) في «ع ، ل ، بف ، جت» : ـ «رجلا».
(٦) في «بن» : «وأخذه».
(٧) الحط : الوضع ، ووضع الأحمال عن الدواب ، وكل ما أنزله عن ظهر فقد حطه ، ومنه يقال : حط الله عنه وزره ، أي وضعه ، أي خفف الله عن ظهرك ما أثقله من الوزر. لسان العرب ، ج ٧ ، ص ٢٧٣ (حطط).
(٨) البقرة (٢) : ٥٨ ، وفيه : (وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ).
(٩) يقال : ابتدره ، أي عاجله ، وابتدروا السلاح ، أي تسارعوا إلى أخذه ، وابتدر القوم أمرا وتبادروه ، أي بادر بعضهم بعضا إليه أيهم يسبق إليه فيغلب عليه. راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٥٨٦ ؛ لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٤٨ (بدر).
(١٠) في «م ، بح ، جت» والبحار : + «قال».
(١١) قال ابن الأثير : «القليب : البئر التي لم تطو ، ويذكر ويؤنث». وقال الفيروزآبادي : «القليب : البئر ، أو العادية القديمة منها ، ويؤنث». النهاية ، ج ٤ ، ص ٩٨ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٢١٦ (قلب).