حاجته (١) ، وفي تقلب الأحوال علم جواهر الرجال ، والأيام توضح لك السرائر الكامنة ، وليس في البرق الخاطف (٢) مستمتع لمن يخوض في الظلمة ، ومن عرف بالحكمة لحظته العيون بالوقار والهيبة ، وأشرف الغنى ترك المنى.
والصبر جنة من الفاقة ، والحرص علامة الفقر ، والبخل جلباب (٣) المسكنة ، والمودة قرابة مستفادة ، ووصول (٤) معدم (٥) خير من جاف (٦) مكثر (٧) ، والموعظة كهف لمن وعاها ، ومن أطلق طرفه (٨) كثر أسفه ، وقد أوجب الدهر شكره على من نال سؤله ،
__________________
«بح» : «حصرت». وفي سائر النسخ والمطبوع : «حصن».
(١) في المرآة : «قوله عليهالسلام : أمنه قومه ، بالفتح ، أي أمن قومه من شره ، أو بالمد : له أمن من شر قومه ، أو علا قومه أمينا ، ونال الحاجة التي توهم حصولها في إطلاق اللسان».
(٢) «الخاطف» ، من الخطف ، وهو استلاب الشيء وأخذه بسرعة ، وفعله من باب تعب. راجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ٤٩ ؛ المصباح المنير ، ص ١٧٤ (خطف).
(٣) قال ابن الأثير : «الجلباب : الإزار والرداء ، وقيل : الملحفة ، وقيل : هو كالمقنعة تغطي به المرأة رأسها وظهرها وصدرها ، وجمعه : جلابيب». وقيل غير ذلك. راجع : النهاية ، ج ١ ، ص ٢٨٣ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ١٤٢ (جلب).
(٤) في الوافي : «وصول ... بفتح الواو : البار».
(٥) في «بح ، بن ، جد» وحاشية «جت» : «مقل». وفي «ل» : «مقيل». والمعدم : الفقير ، يقال : أعدم الرجل إعداما ، أي افتقرو صار ذا عدم. راجع : الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٩٨٣ ؛ لسان العرب ، ج ١٢ ، ص ٣٩٣ (عدم).
(٦) «جاف» ، من الجفاء ، وهو ترك الصلة والبر ، وجعله العلامة المجلسي مأخوذا من الجفاء بمعنى غلظ الطبع ، والجافي : الغليظ الخلقة والطبع ، حيث قال في المرآة : «أي من يصل الناس بحسن الخلق والمودة مع فقره ، خير ممن يكثر في العطاء وهو جاف ، أي سيء الخلق غليظ». راجع : النهاية ، ج ١ ، ص ٢٨٠ ؛ لسان العرب ، ج ١٤ ، ص ١٤٨ (جفا).
(٧) «مكثر» أي كثير ماله ، يقال : أكثر الرجل ، أي كثر ماله. راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٨٠٢ (كثر).
(٨) في المرآة : «الطرف بسكون الراء : العين ، وبالتحريك : اللسان ، والخبر يحتملهما ، كما لا يخفى». ونحوه في شرح المازندراني. وفي الوافي : «من أطلق طرفه ، أي عينه ونظره كثر أسفه ؛ لأنه ربما يتعلق بقلبه مما نظر إليه ما يلهيه عن المهمات ويوقعه في الآفات». وراجع : النهاية ، ج ٣ ، ص ١٢٠ ؛ تاج العروس ، ج ١٢ ، ص ٣٥٤ (طرف).