كثر مزاحه استخف به ، ومن كثر ضحكه ذهبت (١) هيبته ، فسد حسب من (٢) ليس له أدب ، إن أفضل الفعال صيانة العرض بالمال ، ليس من جالس الجاهل بذي معقول (٣) ، من (٤) جالس الجاهل (٥) فليستعد لقيل وقال (٦) ، لن ينجو من الموت غني بماله ، ولا فقير لإقلاله.
أيها الناس ، لو أن الموت يشترى ، لاشتراه من أهل الدنيا الكريم الأبلج (٧) ، واللئيم الملهوج (٨).
أيها الناس ، إن للقلوب (٩) شواهد تجري الأنفس (١٠) عن مدرجة (١١) أهل التفريط ،
__________________
(١) في «جد» : «ذهب».
(٢) في «د ، ع ، ل ، م ، ن ، جت» : ـ «من».
(٣) قال العلامة المازندراني : «أي بذي علم». وقال العلامة الفيض : «المعقول بمعنى العقل». راجع : الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٧٦٩ (عقل).
(٤) في «بح» : «ومن».
(٥) في حاشية «ن» : «الجهال».
(٦) في شرح المازندراني : «أي للتكلم بفضول ما يتحدث به المتجالسون الجاهلون من قولهم : قيل كذا وقال كذا ، وبناؤهما على أنهما فعلان ماضويان متضمنان للضمير ، والإعراب على إجرائهما مجرى الأسماء خاليان من الضمير». وراجع : المصباح المنير ، ص ٥١٩ (قول).
(٧) الأبلج الوجه : مشرقه ، والأبلج : الذي قد وضح ما بين عينيه ولم يكن مقرون الحاجبين ، قال العلامة المجلسي : «وهذه من علامات اليمن والبركة والكرم في المشهور». وقال الزبيدي : «وقيل : الأبلج : الأبيض الحسن الواسع الوجه ، يكون في الطول والقصر ، وقال غيره : يقال للرجل الطلق الوجه : أبلج ... وفي الأساس : من المجاز يقال لذي الكرم والمعروف وطلاقة الوجه : أبلج وإن كان أقرن». راجع : تاج العروس ، ج ٣ ، ص ٢٩٨ ـ ٢٩٩ (بلج). وفي الوافي : «الكريم الأبلج : هو الذي اشتهر كرمه وظهر».
(٨) في الوافي : «الملهوج : هو الحريص ، مفعول بمعنى الفاعل ، كمسعود ، ووجه اشترائهما الموت رضاؤهما به ؛ لأن الكريم إذا اشتهر توجه الناس إليه بما عجز عن قدر اشتهاره وعلو همته وخجل مما نسب إليه فرضي بالموت ، وأما الحريص فلأنه لم يبلغ ما حرص عليه ، فلا يزال يتعب نفسه ويزيد حرصه ، فيتمنى بذلك الموت».
(٩) في الوافي : «القلوب».
(١٠) في شرح المازندراني : «النفس».
(١١) المدرجة : المذهب والمسلك ، والموضع الذي يدرج فيه ، أي يمشى. راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ٣١٤ ؛ النهاية ، ج ٢ ، ص ١١١ (درج).