وذاك (١) فرات اليوم (٢) ـ فقال لي : «يا مفضل ، وهاهنا (٣) نصبت أصنام قوم نوح عليهالسلام : يغوث ويعوق ونسرا» ثم مضى حتى ركب دابته.
فقلت : جعلت فداك ، في كم عمل نوح سفينته حتى فرغ منها؟
قال : «في دورين». قلت : وكم الدورين؟ قال : «ثمانين سنة».
قلت : وإن (٤) العامة يقولون : عملها في خمسمائة عام.
فقال : «كلا ، كيف (٥) والله يقول : (وَوَحْيِنا) (٦).
قَالَ : قُلْتُ : فَأَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ : (حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ)(٧) فأين كان موضعه؟ وكيف كان؟
فقال : «كان التنور في بيت عجوز مؤمنة في دبر قبلة ميمنة المسجد».
فقلت له : فإن ذلك موضع زاوية باب الفيل اليوم ، ثم قلت له : وكان بدء خروج الماء من ذلك التنور؟
فقال : «نعم ، إن الله ـ عزوجل ـ أحب أن يري قوم نوح آية ، ثم إن الله ـ تبارك
__________________
جد» : «الدرابين». والداري ، بتشديد الياء : العطار ، قالوا : لأنه نسب إلى دارين ، وهو موضع في البحر يؤتى منه بالطيب. النهاية ، ج ٢ ، ص ١٤٠ (دور).
(١) في «بن» والوافي وتفسير العياشي : «وذلك».
(٢) في المرآة : «قوله : وذاك فرات اليوم ، أي الشعبة التي كانت تجري إلى الكوفة من الفرات».
(٣) في «ع ، ن ، بن ، جت» : «هاهنا» بدون الواو.
(٤) في «م» والوافي : «فإن».
(٥) في شرح المازندراني : «فكيف».
(٦) هود (١١) : ٣٧ ؛ المؤمنون (٢٣) : ٢٧. وفي الوافي : (وَوَحْيِنا) أي بأمرنا وتعليمنا ، قوله عليهالسلام يحتمل معنيين : أحدهما أن ما يكون بأمر الله وتعليمه كيف يطول زمانه إلى هذه المدة؟ والثاني أن يكون عليهالسلام قد فسر الوحي هنا بالسرعة والعجلة ؛ فإنه جاء بهذا المعنى ، يقال : الوحا الوحا ، مقصورا وممدودا ؛ يعني البدار البدار ، وتوح يا هذا ، أي اسرع. والمعنى الثاني أتم في الاستشهاد وأصوب ، بل يكاد يتعين ؛ لما مر في هذا الحديث من قوله عليهالسلام : فأوحى الله إلى نوح أن اصنع سفينة وأوسعها وعجل عملها». وللمزيد راجع : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٥٢٠ (وحي) ؛ شرح المازندراني ، ج ١٢ ، ص ٣٧٨ ؛ مرآة العقول ، ج ٢٦ ، ص ٢٩٦ و ٢٩٧.
(٧) هود (١١) : ٤٠.