وتالله ما صدر (١) قوم قط (٢) عن معصية الله إلا إلى (٣) عذابه ، وما آثر قوم قط الدنيا على الآخرة إلا ساء منقلبهم (٤) وساء مصيرهم ، وما العلم بالله والعمل (٥) إلا إلفان (٦) مؤتلفان ، فمن عرف الله خافه ، وحثه (٧) الخوف على العمل بطاعة الله (٨) ، وإن أرباب العلم وأتباعهم (٩) الذين عرفوا الله (١٠) ، فعملوا له ورغبوا إليه ، وقد قال الله : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ)(١١) فلا تلتمسوا شيئا مما في هذه الدنيا بمعصية الله ، واشتغلوا في هذه الدنيا بطاعة الله ، واغتنموا أيامها ، واسعوا لما فيه نجاتكم غدا من عذاب الله ؛ فإن ذلك أقل للتبعة (١٢) ، وأدنى من العذر ، وأرجى للنجاة ، وقدموا (١٣) أمر الله (١٤) وطاعة من
__________________
(١) قال الجوهري : «أصدرته فصدر ، أي رجعته فرجع». وقال ابن الأثير : «الصدر ـ بالتحريك ـ : رجوع المسافرمن مقصده ، والشاربة من الورد ، يقال : صدر يصدر صدورا وصدرا». الصحاح ، ج ٢ ، ص ٧١٠ ؛ النهاية ، ج ٣ ، ص ١٥ (صدر).
وفي شرح المازندراني : «أي ما رجعوا عن معصية الله تعالى وما فرغوا منها إلا إلى عذابه ، فيدل على مقارنة العذاب للمعصية من غير مفارقة بينهما ولا مهلة ؛ فإن جهنم لمحيطة بالكافرين».
(٢) في «ع ، بف ، بن ، جد» وشرح المازندراني : ـ «قط».
(٣) في «ن» : «على».
(٤) في «جت» : «مقيلهم».
(٥) في الأمالي للمفيد وتحف العقول : + «بطاعته».
(٦) في شرح المازندراني : «في المصباح : ألفته ، من باب علم : آنسته وأحببته ، واسم الفاعل : أليف ، مثل عليم ، وآلف ، مثل عالم ، وفي القاموس : الإلف ، بالكسر والألف ، ككتف : الأليف ، وعلى هذا يجوز في «إلفان» مد الألف وكسرها ، وفتحها مع كسر اللام». وراجع : المصباح المنير ، ص ١٨ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٥٨ (ألف).
(٧) في الوافي : «وحته».
(٨) في «بف» وحاشية «د» : «بطاعته» بدل «بطاعة الله».
(٩) في الأمالي للمفيد : + «هم».
(١٠) قوله عليهالسلام : «الذين عرفوا الله» خبر «إن».
(١١) طه (٢٠) : ٣٠.
(١٢) التبعة ـ بفتح التاء وكسر الباء ـ : ما على أحد من حق الغير ، سمي بها لأن صاحبه يتبعه ويطلبه ويطلب منه. راجع : لسان العرب ، ج ٨ ، ص ٣٠ ؛ المصباح المنير ، ص ٧٢ ؛ شرح المازندراني ، ج ١١ ، ص ١٩٤.
(١٣) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي. وفي المطبوع : «فقدموا».
(١٤) في الأمالي للمفيد وتحف العقول : + «وطاعته».