والصبر من الكرم ، ودع الجزع ؛ فإن الجزع لايغنيك.
ثم تكلم عمار ـ رضياللهعنه (١) ـ فقال : يا أبا ذر ، أوحش الله من أوحشك ، وأخاف (٢) من أخافك ، إنه والله ما منع الناس أن يقولوا الحق (٣) إلا الركون إلى الدنيا والحب لها ، ألا إنما الطاعة مع الجماعة (٤) ، والملك لمن غلب عليه ، وإن هؤلاء القوم دعوا الناس إلى دنياهم ، فأجابوهم إليها ، ووهبوا لهم دينهم ، فخسروا الدنيا والآخرة ، وذلك (٥) هو الخسران المبين.
ثم تكلم أبو ذر رضياللهعنه (٦) ، فقال : عليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، بأبي وأمي هذه الوجوه ، فإني إذا رأيتكم ذكرت رسول الله صلىاللهعليهوآله بكم ، وما لي بالمدينة شجن (٧) ولا سكن (٨) غيركم ، وإنه ثقل على عثمان جواري بالمدينة ، كما ثقل على معاوية بالشام ، فآلى (٩) أن يسيرني إلى بلدة ، فطلبت (١٠) إليه أن يكون ذلك إلى الكوفة ، فزعم أنه يخاف أن أفسد على أخيه الناس (١١) بالكوفة ، وآلى بالله ليسيرني (١٢) إلى بلدة لا أرى فيها (١٣)
__________________
(١) في «م ، ن» : ـ «رضياللهعنه».
(٢) في «بح» : + «الله».
(٣) في «ع ، ل» وشرح المازندراني : ـ «الحق».
(٤) في شرح المازندراني : «ألا إنما الطاعة مع الجماعة ، أي ما طاعة الله وطاعة الرسول إلامع الجماعة ، وهم أهل البيت عليهمالسلام». وفي المرآة : «قوله عليهالسلام : إنما الطاعة مع الجماعة ، أي أكثر الناس يتبعون الجماعات وإن كانوا على الباطل على وفق الفقرة التالية. ويحتمل أن يكون المراد أن طاعة الله إنما يكون مع جماعة أهل الحق والأئمة عليهمالسلام ، والملك والسلطنة الدنيوية لمن غلب عليه من أهل الباطل».
(٥) في «ع» : «ذلك» بدون الواو.
(٦) في «ن» : ـ «رضياللهعنه».
(٧) الشجن ، بفتحتين : الحاجة ، والجمع : شجون. المصباح المنير ، ص ٣٠٦ (شجن).
(٨) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني والوافي والمرآة. وفي «جت» : «وسكن». وفي المطبوع : «لأسكن» بدون الواو.
(٩) الإيلاء : الحلف والقسم ، يقال : آلى إيلاء ، أي حلف وأقسم. راجع : المصباح المنير ، ص ٢٠ (ألي) ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٦٥٥ (ألو).
(١٠) في «جت» : «وطلبت».
(١١) في المرآة : «قوله : على أخيه الناس ؛ يعني الوليد بن عقبة أخا عثمان لامه ، وكان عثمان ولاه الكوفة».
(١٢) في «بن» : «أن يسيرني».
(١٣) في «د ، ع ، بف ، جت» والوافي : «بها».