رجا (١) الثواب بنا ، ورضي بقوته نصف مد كل (٢) يوم ، وما يستر به عورته ، وما أكن (٣) به رأسه وهم مع ذلك والله خائفون وجلون ، ودوا أنه حظهم من الدنيا ، وكذلك وصفهم الله ـ عزوجل ـ حيث يقول : (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) (٤) ما (٥) الذي أتوا به ، أتوا والله بالطاعة مع المحبة والولاية ، وهم في (٦) ذلك خائفون أن لايقبل منهم ، وليس والله خوفهم خوف شك فيما هم فيه من إصابة الدين ، ولكنهم خافوا أن يكونوا مقصرين في محبتنا وطاعتنا».
ثم قال : «إن قدرت (٧) أن لاتخرج من بيتك فافعل ؛ فإن عليك في خروجك أن لا تغتاب ، ولا تكذب ، ولا تحسد ، ولا ترائي (٨) ، ولا تتصنع ، ولا تداهن (٩)».
ثم قال : «نعم ، صومعة المسلم (١٠) بيته ، يكف فيه (١١) بصره ولسانه ونفسه وفرجه ؛ إن من عرف نعمة الله بقلبه ، استوجب المزيد من (١٢) الله ـ عزوجل ـ قبل أن يظهر شكرها على لسانه ، ومن ذهب يرى أن له على الآخر فضلا ، فهو من المستكبرين».
فقلت له (١٣) : إنما يرى أن له عليه فضلا بالعافية (١٤) إذا رآه مرتكبا للمعاصي؟
__________________
قوله عليهالسلام : ودوا ، خبرا ، لكنه بعيد».
(١) في الوافي وتفسير القمي : «ورجا».
(٢) في «بح» : «لكل».
(٣) «أكن» أي ستر ، من الإكنان ، وهو الستر والإخفاء ، مثل الكن. راجع : المصباح المنير ، ص ٥٤٢ (كنن).
(٤) المؤمنون (٢٣) : ٦٠.
(٥) في البحار : «وما».
(٦) في «بن» : «مع».
(٧) في «د ، بح ، بن ، جت ، جد» والبحار : + «على».
(٨) في شرح المازندراني : «أي لا تعمل عملا رياء وسمعة ليراه الناس ويمدحونك به. وقد يأتي المرائي بمعنى المجادل».
(٩) المداهنة : المساهله والمصالحة والمصانعة والمسالمة والملاينة والمداراة ، وإظهار خلاف ما يضمر. راجع : لسان العرب ، ج ١٣ ، ص ١٦٣ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٥٧٤ (دهن).
(١٠) في «بح» : «المؤمن».
(١١) في الوافي : «به».
(١٢) في «بح» : «عن».
(١٣) في «ن ، بف ، بن» : ـ «له».
(١٤) في «جت» وحاشية «بح» : «بالعاقبة».