أخرج هشام بن عبد الملك أبا جعفر عليهالسلام من المدينة إلى الشام ، فأنزله منه (١) ، وكان يقعد مع الناس في مجالسهم ، فبينا هو قاعد وعنده جماعة من الناس يسألونه إذ نظر إلى النصارى يدخلون في جبل هناك ، فقال : «ما لهؤلاء؟ ألهم عيد اليوم؟».
فقالوا : لايا ابن رسول الله ، ولكنهم يأتون عالما لهم في هذا الجبل في كل سنة في هذا اليوم فيخرجونه ، فيسألونه عما يريدون (٢) ، وعما يكون في عامهم.
فقال أبو جعفر عليهالسلام : «وله علم؟».
فقالوا : هو من أعلم الناس ، قد أدرك أصحاب الحواريين من أصحاب عيسى عليهالسلام.
قال : «فهل نذهب إليه؟».
قالوا (٣) : ذاك إليك يا ابن رسول الله.
قال : فقنع أبو جعفر عليهالسلام رأسه بثوبه ، ومضى هو وأصحابه ، فاختلطوا (٤) بالناس حتى أتوا الجبل ، فقعد أبو جعفر عليهالسلام وسط النصارى هو وأصحابه ، وأخرج (٥) النصارى بساطا ، ثم وضعوا الوسائد (٦) ، ثم دخلوا فأخرجوه ، ثم ربطوا عينيه (٧) ، فقلب عينيه كأنهما عينا (٨) أفعى ، ثم قصد قصد (٩) أبي جعفر عليهالسلام ، فقال : يا شيخ ، أمنا أنت ، أم من
__________________
في كتب العامة. راجع : تهذيب الكمال ، ج ٢١ ، ص ٤١٧ ، الرقم ٤٢٧٠ وما بهامشه من المصادر.
(١) في «بف» وحاشية «د ، م ، بح ، جت ، جد» والوافي والمرآة : «معه».
(٢) في «بح» : «يريدونه».
(٣) في «ن» وتفسير القمي : «فقالوا».
(٤) في الوافي : «واختلطوا».
(٥) في «م» وتفسير القمي : «فأخرج».
(٦) «الوسائد» : جمع الوساد والوسادة بمعنى المخده ـ وهو ما يوضع الخد عليه ـ والمتكأ ، وهو الذي يوضع تحت الرأس. راجع : النهاية ، ج ٥ ، ص ١٨٢ ؛ لسان العرب ، ج ٣ ، ص ٤٥٩ (وسد).
(٧) في «بف» : «عينه». ولعل المراد بربط عينيه ربط أجفانه إلى فوق ، أو حاجبيه ؛ لتبقى عيناه مفتوحين وكأنه لم يقو على فتح عينيه لشدة كبره ، أو لئلا تضر من شعاع الشمس بعد خروجه من ظلمة الغار ، وذلك كما توضع اليد فوق الحاجبين عند مواجهة الشمس لأجل رؤية ما يقابله. وتعلق الربط بالعين لأدنى ملا بسة ومقاربة. راجع : شرح المازندراني ، ج ١٢ ، ص ٧٠ ؛ الوافي ، ج ٣ ، ص ٧٨٥ ؛ مرآة العقول ، ج ٢٥ ، ص ٢٩٣.
(٨) في «جت» وحاشية «بح» : «عيني».
(٩) هكذا في معظم النسخ وحاشية «جد» والوافي. وفي «جد» والمطبوع : «ثم قصد إلى». وفي «د» : ـ «قصد».