دعا عباده في الكتاب إلى ذلك (١) بصوت رفيع لم ينقطع (٢) ولم يمنع دعاء عباده ، فلعن الله الذين يكتمون ما أنزل الله ، وكتب على نفسه الرحمة ، فسبقت قبل الغضب ، فتمت (٣) صدقا وعدلا ، فليس يبتدئ العباد بالغضب قبل أن يغضبوه ، وذلك من علم اليقين وعلم التقوى.
وكل أمة قد رفع الله عنهم علم الكتاب حين نبذوه ، وولاهم عدوهم حين تولوه ، وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرفوا حدوده ، فهم يروونه ولا يرعونه ، والجهال يعجبهم حفظهم للرواية ، والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية ، وكان (٤) من نبذهم الكتاب أن (٥) ولوه (٦) الذين لايعلمون ، فأوردوهم الهوى ، وأصدروهم (٧) إلى الردى (٨) ، وغيروا عرى الدين ، ثم ورثوه في السفه والصبا (٩) ، فالأمة يصدرون عن أمر الناس بعد أمر الله (١٠) تبارك وتعالى ، وعليه (١١) يردون (١٢) ، بئس (١٣) للظالمين بدلا ،
__________________
(١) في «بن» : «إلى ذلك في الكتاب».
(٢) في الوافي : «الصوت الرفيع الغير المنقطع كناية عن شهرة القرآن وتواتره وبلوغه كل أحد إلى يوم القيامة».
(٣) في «بن» : «وتمت».
(٤) في «جت» : «فكان».
(٥) في «ع» : «إذ».
(٦) في الوافي : «أن ولوا».
(٧) الإصدار : الإرجاع ، يقال : أصدرته فصدر ، أي أرجعته فرجع. الصحاح ، ج ٢ ، ص ٧١٠ (صدر).
(٨) «الردى» : الهلاك ، مصدر ردي يردى ، أي هلك. الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٣٥٥ (ردي).
(٩) في شرح المازندراني : «في ، للتأكيد ، كما في قوله تعالى : (ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللهِ مَجْراها) [هود (١١) : ٤١] ، أو متعلق بالتوريث بتضمين معنى الجعل أو الوضع. والسفه محركة : الجهل والخشونة والطيش وخفة العمل وضد الحلم. والصبا بالكسر من الصبوة ، وهي الميل إلى الجهل وفتوة الجهلة ، وفعله من باب نصر ، وبالفتح : اللعب مع الصبيان ، وفعله من باب علم». وراجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ٣٧٦ (سفه) ؛ لسان العرب ، ج ١٤ ، ص ٤٥٠ (صبا).
وفي المرآة : «قوله عليهالسلام : ثم ورثوه ، أي جعلوه ميراثا يرثه كل سفيه جاهل ، أو صبي غير عاقل».
(١٠) في مرآة العقول ، ج ٢٥ ، ص ١١٦ : «قوله عليهالسلام : بعد أمر الله ، أي صدوره ، أو الاطلاع عليه ، أو تركه. والورود والصدور كنايتان عن الإتيان للسؤال والأخذ والرجوع بالقبول».
(١١) في «بف» : «عليه» بدون الواو.
(١٢) في شرح المازندراني : + «أمره».
(١٣) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني. وفي المطبوع والوافي : «فبئس».