أوصيك بتقوى الله ؛ فإن فيها السلامة من التلف ، والغنيمة في المنقلب ، إن الله ـ عزوجل ـ يقي (١) بالتقوى عن العبد ما عزب (٢) عنه عقله (٣) ، ويجلي (٤) بالتقوى عنه عماه وجهله ، وبالتقوى نجا نوح ومن معه في السفينة وصالح ومن معه من الصاعقة (٥) ، وبالتقوى فاز الصابرون ونجت تلك العصب (٦) من المهالك ، ولهم إخوان على تلك الطريقة يلتمسون تلك الفضيلة ، نبذوا طغيانهم من الإيراد (٧) بالشهوات ، لما بلغهم في الكتاب من المثلات (٨) ، حمدوا ربهم على ما رزقهم وهو أهل الحمد ، وذموا أنفسهم على ما فرطوا وهم أهل الذم ، وعلموا (٩) أن الله ـ تبارك وتعالى الحليم (١٠) العليم (١١) ـ إنما غضبه على من لم يقبل منه رضاه ، وإنما يمنع (١٢) من لم يقبل منه عطاه (١٣) ، وإنما يضل (١٤) من لم يقبل منه هداه ، ثم أمكن أهل السيئات من التوبة بتبديل الحسنات ،
__________________
(١) في «ن» وحاشية «بح» : «نفى».
(٢) «عزب عنه» أي بعد وغاب. راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ١٨١ (عزب).
(٣) في «جد» وحاشية «م» : «غفلة».
(٤) قرأ العلامة المازندراني كلمة «يجلى» من باب المجرد ، أو التفعيل ، حيث قال في شرحه : «في القاموس : جلا فلانا الأمر : كشفه عنه ، كجلاه وجلى عنه» وراجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٦٦٨ (جلو).
(٥) «الصاعقة» : الموت ، وكل عذاب مهلك ، وصيحة العذاب ، والمخراق الذي بيد الملك سائق السحاب ولا يأتي على شيء إلا أحرقه ، أو نار تسقط من السماء. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١١٩٥ (صعق).
(٦) في «ل ، م ، ن ، بح ، جد» وحاشية «جد» : «العصبة». وفي «بن» : «العصابة». والعصب : جمع العصبة ، وهم الجماعة من الناس من العشرة إلى الأربعين. وقرأه العلامة المازندراني بالتحريك ، حيث قال : «العصب محركة : خيار القوم وأشرافهم». راجع : النهاية ، ج ٣ ، ص ٢٤٣ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٢٠١ (عصب) ؛ شرح المازندراني ، ج ١١ ، ص ٣٥٠.
(٧) في «ن» : «بالإيراد» بدل «من الإيراد». وفي الوافي : «من الالتذاذ».
(٨) «المثلات» : جمع المثلة ، وهي العقوبة. الصحاح ، ج ٥ ، ص ١٨١٦ (مثل).
(٩) في «د ، ن ، بح ، بف ، جت» وحاشية «م» وشرح المازندراني : «واعلموا».
(١٠) في «بف» : «الحكيم».
(١١) في «ن» : «العظيم».
(١٢) في «د» : «يبلغ».
(١٣) في «م» : «عطاءه».
(١٤) في شرح المازندراني : + «عن سبيل الحق».