الخلق يسبحون لي داخرون (١).
ثم عليك بالصلاة الصلاة (٢) ؛ فإنها مني بمكان (٣) ، ولها عندي عهد وثيق ، وألحق بها ما هو منها زكاة القربان (٤) من طيب المال والطعام ؛ فإني لا أقبل إلا الطيب يراد به وجهي ، واقرن مع ذلك صلة الأرحام ، فإني أنا الله الرحمن الرحيم ، والرحم أنا خلقتها فضلا من رحمتي ليتعاطف بها (٥) العباد ، ولها عندي سلطان في معاد الآخرة ، وأنا قاطع من قطعها ، وواصل من وصلها ، وكذلك أفعل بمن ضيع أمري.
يا موسى ، أكرم السائل إذا أتاك برد جميل أو إعطاء يسير ؛ فإنه يأتيك من ليس بإنس ولا جان ، ملائكة الرحمن يبلونك (٦) كيف أنت صانع فيما أوليتك (٧) ، وكيف مواساتك فيما خولتك (٨) ، واخشع (٩) لي بالتضرع ، واهتف (١٠) لي (١١) بولولة (١٢) الكتاب ، واعلم أني
__________________
(١) في «بف ، جت» وحاشية «ن» وشرح المازندراني والوافي وتحف العقول : «داخرين».
(٢) في «بف» وتحف العقول : ـ «الصلاة».
(٣) في المرآة : «قوله تعالى : بمكان ، أي مكانة ومنزلة رفيعة».
(٤) «القربان» : ما يتقرب به إلى الله تعالى ، وهو أيضا مصدر بمعنى القرب. راجع : النهاية ، ج ٤ ، ص ٣٢ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٢١١ (قرب).
(٥) في «بح» : «ليتعاطفها» بدل «ليتعاطف بها».
(٦) في شرح المازندراني : «الظاهر أن «يبلونك» بتخفيف النون وسكون الواو ، وضمها مع شد النون محتمل».
(٧) «أوليتك» أي أعطيتك ، يقال : أوليته معروفا ، إذا أسديت إليه معروفا ، أي أحسنت وصنعت وأعطيت. راجع : لسان العرب ، ج ١٤ ، ص ٣٧٦ (سدا) ؛ وج ١٥ ، ص ٤١٣ (ولي).
(٨) التخويل : التمليك ، أو الإعطاء متفضلا. راجع : الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٦٩٠ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٣١٧ (خول).
(٩) في «ن» : «فاخشع».
(١٠) الهتف : الصوت ، أو الصوت الشديد ، أو الصوت الجافي العالي ، ويقال : هتفت بفلان ، أي دعوته. راجع : الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٤٤٢ ؛ لسان العرب ، ج ٩ ، ص ٣٤٤ (هتف).
(١١) في «د ، ع ، ل ، م ، ن ، بن ، جت ، جد» وتحف العقول : ـ «لي».
(١٢) قال ابن الأثير : «الولولة : صوت متتابع بالويل والاستغاثة. وقيل : هي حكاية صوت النائحة». النهاية ، ج ٥ ، ص ٢٢٦ (ولول). وفي الوافي : «الولولة : الدعاء بالويل ، ولعله اشير إلى ما في التوراة من الويل ، ولها معان اخر كاختلاط الألسن ، وإلهام الذكر ، والهم ، والحزن وغير ذلك ، ولعل بعضها يناسب هذا المقام».