لا أزول (١).
يا موسى ، كن إذا دعوتني خائفا مشفقا وجلا ، عفر وجهك (٢) لي في التراب (٣) ، واسجد لي بمكارم بدنك ، واقنت بين يدي في القيام ، وناجني حين تناجيني بخشية من قلب وجل ، واحي بتوراتي (٤) أيام الحياة ، وعلم الجهال محامدي ، وذكرهم آلائي ونعمتي (٥) ، وقل لهم : لايتمادون (٦) في غي ما هم فيه ، فإن أخذي أليم شديد.
يا موسى ، إذا (٧) انقطع حبلك مني لم يتصل بحبل غيري ، فاعبدني وقم بين يدي مقام العبد الحقير (٨) ، ذم (٩) نفسك ، فهي أولى بالذم ، ولا تتطاول (١٠) بكتابي على بني إسرائيل ، فكفى بهذا واعظا لقلبك ومنيرا ، وهو كلام رب العالمين جل وتعالى.
يا موسى ، متى ما دعوتني ورجوتني ، فإني سأغفر لك على ما كان منك ، السماء تسبح لي وجلا ، والملائكة من مخافتي مشفقون ، والأرض تسبح لي طمعا ، وكل
__________________
(١) في «بف» : «لا يزول».
(٢) تعفير الوجه في التراب : تمريغه وتقليبه فيه ، أو دسه فيه. وتعفير المصلي : أن يمسح جبينه حال السجودعلى العفر ، وهو التراب. راجع : الصحاح ، ج ٢ ، ص ٧٥١ ؛ مجمع البحرين ، ج ٣ ، ص ٤٠٨ (عفر).
(٣) في حاشية «بح» : «بالتراب».
(٤) في المرآة : «قوله تعالى : وأحي بتوراتي ، أي حصل الحياة المعنوية التي هي بالعلم واليقين بالتوراة وقراءتها والعمل بها ، أو كن ملازما لها في مدة الحياة. ويمكن أن يقرأ على باب الإفعال».
(٥) في حاشية «بح» وتحف العقول : «ونعمي».
(٦) التمادي : بلوغ المدى والغاية ، ويقال : تمادى فلان في غيه ، إذا لج ودام على فعله. وفي المرآة : «وتخصيص النهي بالتمادي لعله لبيان أن الدخول في الغي ينجر لا محالة إلى التمادي ، فالمراد النهي عن مطلق الدخول ، أو المراد الإقلاع عن الغي الذي هم فيه وعدم تماديهم فيه». راجع : المصباح المنير ، ص ٥٦٧ (مدي).
(٧) في «ع ، ل ، م ، ن ، بح ، بف ، بن ، جد» وحاشية «د» وشرح المازندراني والوافي وتحف العقول : «إن».
(٨) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت وتحف العقول. وفي «ن» وشرح المازندراني والوافي : «الفقير الحقير». وفي المطبوع : + «الفقير».
(٩) في شرح المازندراني : «وذم».
(١٠) التطاول : الترفع والعلو ، أو إظهار الطول والفضل ، يقال : تطاول على الناس ، أي علاهم وترفع عليهم ، أو رأى أن له عليهم فضلا في القدر. راجع : لسان العرب ، ج ١١ ، ص ٤١٢ (طول).