معذورين في ذلك ، وحاصل ما ذكرتموه من عذرهم انهم إنما آثروا في هذه الامور مصلحة الاسلام بما اقتضته أنظارهم لا بما أوجبته النصوص النبوية ، ونحن ما ادعينا ـ في هذا المقام ـ أكثر من هذا. وبعبارة أخرى ، موضوع كلامنا إنما هو في أنهم كانوا يتعبدون في جميع النصوص أم لا ، اخترتم الاول ، ونحن اخترنا الثاني ، فاعترافكم الآن بعدم تعبدهم في هذه الاوامر يثبت ما اخترناه ، وكونهم معذورين أو غير معذورين خارج عن موضع البحث كما لا يخفى ، وحيث ثبت لديكم إيثارهم في سرية أسامة مصلحة الاسلام بما اقتضته أنظارهم على التعبد بما أوجبته تلك النصوص ، فلم لا تقولون أنهم آثروا في أمر الخلافة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، مصلحة الاسلام بما اقتضته انظارهم على التعبد بنصوص الغدير وأمثالها. اعتذرتم عن طعن الطاعنين في تأمير أسامة : بأنهم إنما طعنوا بتأميره لحداثته مع كونهم بين كهول وشيوخ ، وقلتم : ان نفوس الكهول والشيوخ تأبى بجبلتها وطبعها ان تنقاد إلى الاحداث ، فلم لم تقولوا هذا بعينه فيمن لم يتعبدوا بنصوص الغدير المقتضية لتأمير علي وهو شاب على كهول الصحابة وشيوخهم ، لانهم ـ بحكم الضرورة من اخبارهم ـ قد استحدثوا سنه يوم مات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، كما استحدثوا سن اسامة يوم ولاّه صلى الله عليه وآله وسلم ، عليهم في تلك السرية ، وشتان بين الخلافة وامارة السرية ، فإذا أبت نفوسهم أن تنقاد للحدث في سرية واحدة ، فهي أولى بأن تأبى أن تنقاد للحدث مدة حياته ،في جميع الشؤون الدنيوية والاخروية.
على أن ما ذكرتموه من ان نفوس الشيوخ والكهول تنفر بطبعها من الانقياد للاحداث ممنوع ، إن كان مرادكم الاطلاق في هذا الحكم ، لان نفوس المؤمنين من الشيوخ الكاملين في إيمانهم لا تنفر من طاعة الله ورسوله في