١ ـ المحور الذي يدور عليه كلامكم مع أم المؤمنين في حديثها الصريح بعدم الوصية أمران :
احدهما : أن انحرافها عن الامام يأبى عليها ـ فيما زعمتم ـ الا نفي الوصية اليه ، والجواب : ان المعروف من سيرتها أنها لا تستسلم في حديثها عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، إلى العاطفة ، ولا تراعي فيه الغرض ، فلا تتهم فيما تنقله عن النبي سواء عليها أكان ذلك خاصا بمن تحب ، أم كان خاصا بمن تبغض ، وحاشا لله ان تستحوذ عليها الاغراض ، فتحدث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، بغير الواقع ، إيثارا لغرضها على الحق.
٢ ـ الثاني : ان العقل بمجرده يمنع ـ فيما زعمتم ـ من تصديق هذا الحديث لامتناع مؤداه عقلا ، فانه لا يجوز على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ان يترك دين الله عزوجل وهو في أول نشأته ، وعباد الله تعالى وهم ، في أول فطرتهم الجديدة ، ثم يرتحل عن غير وصي يعهد اليه بأمورهم ، والجواب ان هذا مبني على الحسن والقبح العقليين ، وأهل السنة لا يقولون بهما ، فإن العقل عندهم لا يفضي بحسن شيء ما أصلا ، ولا بقبح شيء ما على الاطلاق ، وان الحاكم بالحسن والقبح في جميع الافعال إنما هو الشرع لا غير ، فما حسنه الشرع فهو الحسن ، وما قبحه فهو القبيح ، والعقل لا معول عليه في شيء من ذلك بالمرة.
٣ ـ أما ما أشرتم اليه ـ في آخر المراجعة ٧٤ ـ من معارضة أم المؤمنين في دعواها ، بأن النبي قضى وهو في صدرها ، فلا نعرف مما يعارضها حديثا واحدا من طريق أهل السنة ، فان كان لديكم شيء منه فتفضلوا به ، والسلام.
س