وسلم ، ما أراد يومئذ الا تعيين علي وليا لعهده ، وقائما مقامه من بعده ، فالحديث مع ما قد حف به من القرائن نص جلي ، في خلافة علي ، لا يقبل التأويل ، وليس إلى صرفه عن هذا المعنى من سبيل ، وهذا واضح (لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد).
٢ ـ أما القرينة التي زعموها فجزاف وتضليل ، ولباقة في التخليط والتهويل ، لان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، بعث عليا إلى اليمن مرتين ، والاولى كانت سنة ثمان (٦٤٩) ، وفيها أرجف المرجفون به ، وشكوه إلى النبي بعد رجوعهم إلى المدينة ، فأنكر عليهم ذلك (١) حتى أبصروا الغضب في وجهه ، فلم يعودوا لمثلها ، والثانية كانت سنة عشر (٦٥٠) وفيها عقد النبي له اللواء ، وعممه صلى الله عليه وآله وسلم بيده ، وقال له : امض ولا تلتفت ، فمضى لوجهه راشدا مهديا حتى أنفذ أمر النبي ، ووافاه صلى الله عليه وآله وسلم ، في حجة الوداع ، وقد أهل بما أهل به رسول الله فأشركه صلى الله عليه وآله وسلم بهديه ، وفي تلك المرة لم يرجف به مرجف ، ولا تحامل عليه مجحف ، فكيف يمكن ان يكون الحديث مسببا عما قاله
__________________
(١) كما بيناه في المراجعة ٣٦ ، فراجعها ولا يفوتنك ما علقناه عليها (منه قدس).
____________________________________
(٦٤٩) راجع : السيرة النبوية لزين دحلان بهامش السيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٤٦ ط البهية بمصر.
(٦٥٠) كما في : سيرة ابن هشام ج ٤ ص ٢١٢ ، وتاريخ الطبري ج ٣ ص ١٣١ و ١٤٩ ، الكامل في التاريخ لابن الاثير ج ٢ ص ٣٠٠ ، السيرة الحلبية ج ٣ ص ٢٠٦ ، السيرة النبوية لزين دحلان بهامش السيرة الحلبية ج ٢ ص ٤٥ ، الطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ ص ١٦٩.