وهو مفرد لفظ الناس ، وهي للجماعة تعظيما لشأن الذين لم يصغوا إلى قوله ، ولم يعبأوا بارجافه ، وكان أبوسفيان أعطاه عشرا من الابل على أن يثبط المسلمين ويخوفهم من المشركين ، ففعل ، وكان مما قال لهم يومئذ : ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم ، فكره أكثر المسلمين الخروج بسبب ارجافه ، لكن النبي صلى الله عليه وآله ، خرج في سبعين فارسا ، ورجعوا سالمين ، فنزلت الآية ثناء على السبعين الذين خرجوا معه صلى الله عليه وآله ، غير مبالين بارجاف من ارجف ، وفي اطلاق لفظ الناس هنا على المفرد نكتة شريفة ، لان الثناء على السبعين الذين خرجوا مع النبي يكون بسببها أبلغ مما لو قال الذين قال لهم رجل إن الناس قد جمعوا لكم كما لا يخفى. ولهذه الآية نظائر في الكتاب والسنة وكلام العرب ، قال الله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم) وإنما كان الذي بسط يده إليهم رجل واحد من بني محارب يقال له غورث ، وقيل إنما هو عمرو بن جحاش من بني النضير ، استل السيف فهزه وهم أن يضرب به رسول الله ، فمنعه الله عزوجل عن ذلك ، في قضية أخرجها المحدثون وأهل الاخبار والمفسرون ، وأوردها ابن هشام في غزوة ذات الرقاع من الجزء الثالث من سيرته (٥٣٩) وقد اطلق الله سبحانه على ذلك
____________________________________
الحميد حنفي ، فتح القدير للشوكاني ج ١ ص ٤٠٠ ط ٢ ، تفسير القرطبي ج ٤ ص ٢٧٩.
(٥٣٩) المائدة : ١١. والذي بسط يده هو : غوث من بني محارب ، وقيل : عمرو بن جحاش من بني النضير.
راجع : السيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ١٢٠ ، الكشاف للزمخشري ج ١ ص ٦١٤ ، تفسير الطبري ج ٦ ص ١٤٦ ط ٢ ، التسهيل لعلوم التنزيل للكلبي ج ١