الشيعة واثبات المحدثين ، عدة في رجال الشيعة جماعة من جهابذة اهل السنة ، كالامام ابن تيمية في ـ المعارف ـ والشهرستاني في كتاب الملل والنحل ـ (٢٣٣) وأمثالهما ، وقال الجوزجاني ـ كما في ترجمة زبيد من ميزان الذهبي ـ : « كان من اهل الكوفة قوم لا يحمد الناس مذاهبهم ، هم رؤوس محدثي الكوفة ، مثل ابي اسحاق ومنصور ، وزبيد اليامي ، والاعمش ، وغيرهم من أقرانهم ، احتملهم الناس لصدق ألسنتهم في الحديث » (٢٣٤) إلى آخر كلامه الدال على حمقه ، وما على هؤلاء من غضاضة، اذا لم يحمد النواصب مذهبهم في أداء أجر الرسالة بمودة القربى والتمسك بثقلي رسول الله صلى الله عليه وآله ، وما احتمل النواصب هؤلاء الشيعة لمجرد صدق ألسنتهم ، وإنما احتملوهم لعدم استغنائهم عنهم ، إذ لو ردوا حديثهم لذهبت عليهم جملة الآثار النبوية ، كما اعترف به الذهبي ـ في ترجمة ابان ـ بن تغلب من ميزانه ـ (٢٣٥) وأظن أن المغيرة ما قال أهلك اهل الكوفة ابواسحاق واعمشكم إلا لكونهم شيعيين ، وإلا فان أبا اسحاق والاعمش كانا من بحار العلم وسدنة الآثار النبوية ، وللاعمش نوادر تدل على جلالته ، فمنها ما ذكره ابن خلكان في ترجمته من وفيات الاعيان ، قال : « بعث اليه هشام بن عبد الملك ان اكتب لي مناقب عثمان ومساوي علي ، فأخذ الاعمش القرطاس وأدخلها في فم شاة فلاكتها ، وقال لرسوله : قل له هذا جوابه ،
____________________________________
(٢٣٣) المعارف لابن قتيبة ص٦٢٤ ، الملل والنحل بهامش الفصل ج٢ ص٢٧.
(٢٣٤) الميزان للذهبي ج٢ ص٦٦.
(٢٣٥) الميزان للذهبي ج١ ص٥.