البعض فجعلها كشخص تهيَّأَ للسفر ، ووقف على ثَنِيَّة الوَداع ، وأَوجب تَشييعه وتَوْدِيعه بالاعتناق المشتمل على الضمّ والالتزام الذي لا يكون إِلَّا للخاصة من الأَحبَّة في وقت التوديع ، وحث على نقل الخُطا في آثاره حالة التشييع ، كما يفعل بالصديق المضنون بمفارقته ، ثم أَشار إِلى ما كان عليه في الزمن السابق ، من تعظيم أَهل اللغة ، وإِنالتهم جلائل المكاسب فقال. وإِلى اليوم أَي إِلى هذا الزمان الذي كان فيه. نال القومُ أَي أَخذوا وأَدركوا. به (١) أَي بسبب هذا اللسان. المراتب الجليلة. والحُظوظ الجسيمة. وجعلوا أَي صيروا. حَماطَة بالفتح والمهملتين صَميم. جُلْجُلَانِهِم بالضم أَي حَبَّة قلبهم ، قال شيخنا : وهو مأْخوذ من كَلام سيدنا عليٍّ رضياللهعنه ، كما مرَّ ، وفي الأَصل : جعلوا حَمَاطة قلوبهم. لَوْحَة أَي صحيفته. المحفوظ المحروس ، أَي جعل قلبه لَوْحَ ذلك الشيء ، فإِن الإِنسان إِذا أَكثر من ذكر شيء لازمه وسلَّط قلبه على حفظه ورعايته. وفي الفقرة تضمين. وفاح أَي انتشر. مِن زهر أَي نَوْر. تلك الخمائِل جمع خَمِيلة. وإِن أَخطأَه أَي تجاوزه فلم يُصِبْه. صوْبُ أَي قصد أَو نزول. الغُيُوث الأَمطار. الهَواطل الغزيرة المتتابعة العظيمة القطر. ما تتولّعُ به أَي تستنشقه. الأَرواح وتحِنُّ له النفوس. لا من الأُمور العارضة التي تأْخذه. الرِّياح والأَهْوِية فتفرِّقه ، ففيه المبالغة وجناس الاشتقاق. وتُزْهَى مبنياً للمجهول عَلى الفصيح أَي تتبختر وتتكبَّر. به الأَلسنُ لا الأَغصن جمع غُصن ، على المشاكلة ، فان القياس على ما سيأْتي في جمع غصن غصون وغِصنَة كقِرطَة وأَغصان. ويُطلِع بضم حرف المضارعة أَي يُظهِر. طَلْعَهُ أَي ثمره السادات والعلماء من البَشَر لا الشجر فانه جامد ، والطَّلع بالفتح شيء يخرج كأَنه نعلان مُطبقان ، والحمل بينهما منضود الطَّرَف ، محدود ، وأُريد بالشجر النخل ، وقد ثبت عن العرب تسمية النخل شجراً ، قاله الزجاج وغيره ، ومنهالحديث المرويّ في الصحيحين. «إِن من الشجر شجرةً لا يَسقط وَرَقها ، وإِنها لمثلُ المؤمن ، أَخبروني ما هي» فوقع الناس في أَشجار البوادي ، فقال : أَلا وهي النخلة» وقال شيخنا : وفيه إِشارة إِلى أَن المعتبر في العلوم هو حملها على الرجال ومشافهتهم بضبطها وإِتقانها ، لا الأَخذ من الأَوراق والصحف ، فإِنه ضلال مَحْضُ ، ولا سيما المنقولات التي لا مَجال للعقل فيها ، كرواية اللغة والحديث الشريف ، فإرنهما يتسلط عليهما التصحيف والتحريف ، وخصوصاً في هذا الزمان ، فالحذر الحذر. قلت : وقد عقد السيوطي لهذا باباً مستقلًّا في المزهر في بيان أَنواع الأَخذ والتحمُّل فراجعْه. وفي الفقرة جناس الاشتقاق والتلميح لحديث ابن عمر المتقدم ذكره ، وزاد في الأَصل بعد قوله الشجر : ويسمح بجَناه الجَنان لا الجِنَّان. ويجلوه أَي يظهره ويكشف عن حقيقته. المنطِق السَّحَّار أَي الكلام الذي يسحر السامعين لأَنه بمنزلة السحر الحلال. لا الأَسحار جمع سحر ، وهو الوقت الذي يكون قبل طلوع الفجر ، وخص لتوجه القرائح السيالة فيه للمنثور من غرائب العلوم والمنظوم ، وفي الفقرة جناس الاشتقاق ، وزاد في الأَصل بعد هذا وتحلّ عقدته يدُ الإِفصاح ، لاناسم الإِصياح ، ويكسوه شعاعه الذَّكاء لا ذُكَاء ، ويهيج الطبع ولا يكاد يهيج ، ويرف نَضارَة إِن ذَوَي الزهرُ البهيج. تصان وفي الأَصل يُصان. عن الخَبْطِ أَي تحفظ عن السقوط. أَوراقٌ عليها اشتملَتْ أَي التفَّت تلك الخمائل فإرنها أَزهار وأَنوار ، فيناسبها القطف والجَنْي ، لا الخبط ، لأَنه يفسدها ، وفيه إِشارة إِلى حسنِ إِجتناءِ العلمِ وكمالِ الأَدبِ عند أَخذه وتلقّيه ، وفيه تلميح للأَوراق المعدَّة للكتابة وصيانتِها عن الخبط فيها خبطَ عَشْواء ، والخوض فيها بغير نظرٍ تامّ ، والأُستاذ إِمام. ويتَرفَّعُ أَي يتعلّى. عن السَّقوط والخبط. نَضِيجُ ثَمرٍ وهو محرّكة حَمْل الشجرِ مطلقاً. أَشجارُه أَي النضيج. احتملتْ مِن حَمَلَه واحتمله إِذا رفعه ، أَي يحافظ على تلك الثمار بحيث لا تجف ولا تذبُل حتى يحصل له سقوط ، بل يجب الاعتناءُ بها والمحافظة لها ، بحيث يتبادر إِلى قطفها وتناولها قبل السقوط والوقوع ، وفيه الالتزام والمقابلة. مِن لُطف بلاغتهم (٢) وفي الأَصل من لطف تفريعاتهم. ما يَفضح فُروع الآسِ أَي أَغصانه. رَجَّلَ جَعْدها ترجيلاً إِذا سرَّحه وأَصلحه ، والجَعد الشعر. ماشِطَةُ ريح. الصَّبَا والإِضافة كلُجَيْن الماء ، أَي ريح الصَّبا التي هي لفروع شجرة الآس عند هبوبها عليها وتسريحها إِياها
__________________
(١) في القاموس : نال به القوم.
(٢) في القاموس : من لطف بلاغة لسانهم.