أحدٍ ، وهو النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم. ودلّ ضبطه بعضهم مبنيّاً للمفعول ، والصواب مبنياً للفاعل معطوف على الصلة ، أَي أَرشد وهَدَى. عَلى نَيْلِ. شَجَرَةِ الْخُلْدِ أَي البقاء والدوام وهي أَشجار الجنة. وَمُلْكٍ لا يَبْلى أَي سلطنة لا يلحقها بَلاءٌ ولا فَناء والدَّالّ على ذلك هو النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وسلم على جِهة النُصْحِ للعباد ، وإِرشادهم ، إِلى ما ينفعهم يوم المعاد ، عند رب الأَرباب نصحاً وشفقةً ورحمةً لهم ، كما أَمره ربُّه سبحانه وتعالى. وفي الكلام اقتباسٌ أَو تلميح ، وقد أَخطأَ في تفسيره كثيرٌ من المحشِّين والطلبة المدَّعين. وكيف لا تكون هذه اللغة الشريفة بهذه الأَوصاف المذكورة منسوبة إِلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم باقية ببقاء شريعته وكتابه وسنته. والحال أَنه صلىاللهعليهوآلهوسلم هو المتكلّم بها ، بل أَفصح من تكلم بها ، ولذلك قال. الفصاحةُ وفي الأَصل : كيف لا والنبوة. أَرَجٌ محرّكةً الطيبُ. بغير ثنائه هكذا في سائر النسخ بالثاء والنون ، وفي الأَصل بغير ثيابه ، جمع ثَوْب ، وهو الصواب (١). لَا يَعْبَقُ أَي لا يَفُوح ولا ينتشِر ، وقد تقدم في المقدَّمة بيان أَفصحيَّته صلىاللهعليهوآلهوسلم وما وَرَدَ فيه. والسَّعادة صَبَّ أَي عاشق مُتابع. سِوَى تُراب بابه لا يَعْشَق ولا عنه يحيد ، فاللغة حازت الفصاحة والسعادة ، واكتسبت ببركته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وفي الفقرتين أَنواعٌ من المجاز ، وفي المزهر : أَخرج البيهقي في شُعَب الإِيمان ، من طريق يونس بن محمد بن إِبراهيم بن الحارث التيمي عن أَبيهِ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في يوم دَجْنٍ «كَيْفَ تَرَوْنَ بَوَاسِقَهَا؟» قالوا : ما أَحسنَها وأَشدَّ تَراكُمها. قال : «كيف تَرَوْنَ قَوَاعِدَها؟» قالوا : ما أَحسَنها وأَشدَّ تَمكُّنَها ، قال : «كيف ترون جَوْنَهَا؟» قالوا : ما أَحسنه وأَشدّ سوادَه : قال : «كيف ترون رَحَاها استدَارَتْ» قالوا : ما أَحسنها وأَشدَّ استدارتها. قال : «كيف ترون بَرْقها أَخفِيًّا أَم وَميضاً أَمْ يَشُّقُ شَقًّا» قالوا : بل يشقُّ شقًّا ، فقال «الحياء. فقال رجل : يا رسول الله ، ما أَفصَحَك ، ما رأَينا الذي هو أَعْرَبُ منك ، قال : «حقّ لي ، فإِنما أُنزِل القرآنُ عَلَيّ (بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ)». ثم إن المصنف لما ذكر أَوصافه الشريفة النبوية اشتاق إِلى رؤية الحضرة ، وتذكر تلك النضرة ، فأَقبل بقلبه وقالَبه عليها ، وجعلها كأَنها حاضرة لديه ، وكأَنه مخاطِب له صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو بين يديه ، فقال : وفي الأَصل قبل البيت بعد قوله لا يعشق ما نصه : وبواسطة من خُلِق أَجود من الريح المرسَلة نَجِد عَرْف الجِنان ، وحبّاً لمن أَلّف البوادي نَستروِح نَسِيم الرَّنْدِ والبان ، ثم أَنشد :
إِذا تنفَّسَ مِنْ وَادِيك. أَي مجلسك. رَيحانُ أَي كل ذي رائحة طيبة. تأَرّجَتْ أَي توهجَت. مِنْ قَمِيص الصُّبْح هو الفجر. أَرْدَان أَي أَكمام ، جعل الصبح كأَنه شخص وما ينتشر عنه من أَضوائه وأَنواره عند صدوع الفجر كأَنه ثياب يلبسها ، وجعل الثياب قميصاً له أَكمام متفرقة ، وقيّد بالصبح لأَن روائح الأَزهار والرياض تفوح غالباً مع الصباح. والبيت من البسيط (٢) ، وفيه الاستعارة المكنية والتخييلية والترشيح وقوة الانسجام. وما أَجدَر أَي أَحق. هذا اللسانَ أَي اللغة ، وفي الأَصل ذلك اللسان. وهو أَي اللسان. حَبيبُ النَّفس أَي محبوبها. وعَشِيق الطبْع أَي معشوقه أَي حُبُّه طبيعةٌ للأَذواق السليمة. وسَمِيرُ أَي مسامِر ومحادِث. ضميرِ أَي خاطر وقلب. الجَمْعِ هم الجماعات المجتمعة للمنادَمَة والمسامَرة والملاطفة بأَنواع الأَدب والمُلَح وذلك لما فيه من الغرائب والنوادر. وقد وَقَفَ أَي اللسان. على ثَنِيَّة الوَدَاع أَشار بهذا إِلى أَنها قد أَزمعت الترحال ، ولم يبق منها إِلا مقدار ما يعدّ توديعاً بين الرِّجال ، وفي الفقرة الاستعارة المكنية والتخييلة والترشيح. وهَمّ أَي اعتنى واهتم وقصد. قِبْليُّ بالكسر منسوب إِلى القِبلة ، وهي جهة الصلاة وناحية الكعبة المشرَّفة. مُزْنِه أَي غَيْثه. بالإِقلاع أَي بالكفِّ والارتفاع ، وخص القِبليَّ لما من شأْنه الانصباب. بأَن يُعْتَنَقَ الظرف متعلق بأَجدر ، أَي ما أَحق هذا اللسان لشرفه وتوقف الأَمر عليه وعزمه على الرحيل أَن يعامَل مُعاملة المفارِق فيُعْتَنق. ضمًّا والتزاماً كالأَحبّة أَي كما يَضمُّون الصدور على الصدور ، ويلتزمون بالنحور. لدَى التّوديع أَي مُوَادعة بعضهم بعضاً. ويُكْرَم بنقل الخطوات أَي بالمشي مُتبعاً. على آثاره أَي بقيته كالأَعِزَّة ، كما في نسخة الأَصل. حالةَ التشييع قال شيخنا : وقد أَورد هذا الكلام على جهة التمثيل حضّاً وحثّاً على تعلُّم اللغة والاعتناء بشأْنها وتحصيلها بالوجه الممكن ، وإِن لم يمكن الكل فلابد من
__________________
(١) في القاموس : ثيابه.
(٢) فرق الشارح البيت ونثره. وتمامه :
إِذا تنفس من واديك ريحان |
|
تأرجت من قميص الصبح أَردانُ |