إِن ذاك القديمَ كانَ حَدِيثاً |
|
وسَيُسْمَى هذا الحديثُ قَدِيمَا |
وأَنشدني أَيضاً لابن رشيق :
أُولِع الناسُ بامتداحِ القَدِيمِ |
|
وَبِذَمِّ الجَدِيدِ غَيرِ الذَّمِيمِ |
لَيْسَ إِلَّا لأَنَّهُمْ حَسَدُوا الحَيَّ |
|
وَرَقُّوا عَلَى العِظامِ الرَّمِيمِ |
وأَنشدني أَيضاً :
تَرى الفَتَى يُنكِرُ فَضْلَ الفَتَى |
|
خُبْثاً ولُؤْماً فَإِذَا مَا ذَهَبْ |
لجَّ به الحِرْصُ عَلَى نُكْتَةٍ |
|
يَكْتُبُهَا عَنْهُ بِمَاءِ الذَّهَبْ |
والمُراد من ذلك كلّه النظرُ بعَين الإِنصاف من المعاصِرين وغيرهم ، فإِن الإِخلاص والإِنصاف هو المقصود من العلم ، وإِنما أَورد المصنف هذا القولَ مَعْزُوّاً لأَبي العباس لأَن بركة العِلْم عَزْوُه إِلى قائله.
واختصصت أَي آثرت. كِتَاب الإِمام أَبي نصر. الجوهريّ المسمى بالصحاح ، وأَفردته بالتوجُّه إِليه بالبحث على جِهة الخصوص. من بين الكُتب اللغوية أَي المصنفات المنسوبة إِلى علم اللغة ، كاللُّباب والمحكم والمجمل والنهاية والعين وغيرها. مَع ما في غالبها أَي أَكثرها ، يقولون : هذا الاستعمال هو الغالب ، أَي الأَكثر دَوَراناً في الكلام ، لكنه قد يتخلّف ، بخلاف المطَّرِد فإِنه المقيس الذي لا يختلّ. مِن الأَوهامِ جمع وَهَم محركة ، كالغَلَط وزْناً ومعنى : الواضحة أَي الظاهرة ظهوراً بيِّناً لا خفاءَ فيه كوَضَح الصُّبْح. والأَغلاط جمع غَلَط قد تقدم معناه. الفاضحة المنكشفة في نفسها ، أَو الكاشفة لصاحبها ومرتكِبها. لِتَدَاوُله بين الناس ، أَي علماء الفن ، كما في بعض النسخ هذه الزيادة ، وهو حُصول الشيء في يَدِ هذا مرَّةً في يد الآخر أُخْرَى ، وتداولوه : تناولوه وأَجْرَوْه بينهم ، وهو يدلّ على شُهرته ودورانه. وفي نسخة أُخرى «لتناوله» وهو أَخذ الشيء مُنَاوَبةً أَيضاً. واشتهارهِ أَي انتشاره ووضوحه. بخُصُوصه أَي خاصّته دونَ غيره. ولأَجل. اعتمادِ المدرِّسين كذا في نسخة المناوي والقرافي وميرزا علي الشيرازي ، وقاضي كجرات أَي استنادهم ورُكُونهم. على نُقُوله جمع نَقْل مصدر بمعنى المفعول ، أَي المنقول الذي يَنقله عن الثِّقات والعرب العَرْباء. ونُصُوصه هي مَسائله التي أُوردت فيه. وفي نسخة ابن الشحنة «المتدرسين» بزيادة التاء ، وهو خطأَ ، لأَن هذه الصيغةَ مشِيرةٌ إِلى التعاطي بغير استحقاق ، وهو قد جعل الاعتماد علّةً لاختصاصه من دون الكتب ، ولو تكلف بعضهم في تصحيحه كما تكلّف آخرون في معنى هذه الجملة ، أَعنى اختصصت إِلى آخرها بوجه يَمجُّه الطبعُ السليم ، ويستبعِدُه الذِّهْن المستقيم ، فليحذر المطالِع من الركون إِليه أَو التعويل عليه. وهذه اللُّغة الشَّريفةُ من هنا إِلى قوله «وكتابي هذا» ساقط في بعض النسخ ، وعليه شرح البدر القرافي وجماعة ، لعدم ثبوته في أُصولهم ، وهو ثابت عندنا ، ومثله في نسخة ميرزا علي والشرف الأَحمر وغيرهما ، وهذه العبارة من هنا إِلى قوله «مالك رِقّ العلوم ورِبقة الكلام» مأْخوذة من رسالة شرف إِيوان البيان في شرف بيت صاحب الدِّيوان ، وهي رسالة أَنشأَها بعض أُدباء أَصْفهان ، من رجال الستمائة والثلاثين ، باسم بعض أُمراء أَصفهان ونصُّها : تَهُبُّ نَوَاسِمُ القَبُولِ ، على رَيْحانَة الأَشعار والفُصول ، فيُناوِح سَحَرِيُّ شَمَالِهَا شَمائِل المَحبوب ، ويُنْعِم نُعَامى أَرضِها بَالَ المكروب ، تَرفَع العَقيرةَ غِرِّيدة بانِها أَحْيَاناً ، وتَصوغ ذاتُ طَوْقها بِقَدْرِ القُدْرَة أَلحاناً ، يتمتَّع بِشَمِيم عَرارِها ، وإِن انساق إِلى طَفَلِ العَشَّية مُتُون نَهارها ، تَغْتَنِم خَيْلُ الطّباع انتهابَ نقْلِ رياضها ، وإِن توانَتْ خُطَا طالبيه وتدَانَت كَرُوَيْحَات الفَجر في انتهاضها. إِلى آخر ما فال ، غير أَن المؤلف قد تَصرَّف فيها كما ننبه عليه. لم تَزل (١) ترفع العَقيرة أَي الصوت مطلقاً أَو خاصَّة بالغِناء. غِرّيدة بِالكسر ، صفة من غَرّد الطائر تغريداً إِذا رفع صَوته وطَرّب به. بَانِها شجرٌ معروف ، أَي لم تزل حمامةُ أَشجارِها ترفع صوتها بالغناء. وتَصوغُ مِن صَاغه صَوْغاً إِذا هَيَّأَه على مثالٍ مُسْتقِيم ، وأَصلحه على أَحْسَن تَقْوِيم. ذاتُ طَوْقِها أَنواع من الطير لها أَطواق كالحمام والفواخت والقمارى ونحوها. بقَدْرِ أَي بمقدار. القُدْرَة بالضم أَي الطاقة. فُنونَ أَي أَنواع وفي نسخة صنُوف. أَلحانِها أَي أَصواتها المطرّبة ، وعبّر بالصوغ
__________________
(١) في القاموس : التي لم تزل.