فِعْلِيَّة ، وهي محمودة ممدوحة شرعاً ، كقوله تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكّاها) (١) بأَن يحملها على الاتصاف بكامل الأَوصاف.
وقوْلِيَّةِ ، وهي مذمومة ، كقوله تعالى : (فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ) (٢) أَي بثنائِكم عليها وافتخارِكم بأَفعالكم ، وأَنشد ابن التلمساني :
دَعْ مَدْحَ نَفْسِكَ إِنْ أَرَدْتَ زَكَاءَهَا |
|
فَبِمَدْح نَفْسِكَ عَنْ مَقَامِكَ تَسْقُطُ |
مَا دُمْتَ تَخْفِضُهَا يَزِيدُ عَلاؤُهَا |
|
والعَكْسُ فَانْظُرْ أَيُّ ذلك أَحْوَطُ |
من المَعَرّة أَي الإِثم والعيب أَو الخيانة ، وسيأْتي في مادّته مُطوَّلاً ، وسبقت إِليه الاشارة في الخطبة والدّمَان هو بالفتح ، واختلف الشراح والمحشُّون في معناه ، وقال بعضهم : بل هو الذَّان ، بالذال المعجمة ، بمعنى الذَّام ، وهو العَيْب ، وقال بعضُهم : الدَّمَان كسَحاب من معانيه السَّرقين ويُراد به لازِمُه ، وهو الحَقارة ، هذا هو المناسب هنا ، على حسب سَماعنا من المشايخ ، وفي بعض الأُصول بكسر المهملة أَو ضمها وتشديد الميم ، مَصدرٌ من الدمَّامة وهي الحَقارة. لتمثَّلْت يقال تمثّل بالشعر إِذا أَنشده مرَّةً بعد مرَّةٍ. بقول أَبي العلاء. أَحمد بن عبد الله بن. سُليمان بن محمد بن أَحمد بن سليمان المعَرِّيّ التنوخيّ القُضاعيّ اللغويّ ، الشاعر المشهور ، المنفرد بالإِمامة ، ولد يوم الجُمعة لثلاثٍ بقين من ربيع الأَوَّل سنة ٣٦٣ بالمعرّة ، وعمي بالجُدَرِيّ ، وكان يقول إِنه لا يعرف من الأَلوان غير الحُمرة ، وتوفي في الثالث من ربيع الأَول سنة ٤٤٩. أَديب وهو أَعَمُّ من الشاعر ، إِذ الشِّعْر أَحدُ فُنون الأَدب ، وهو أَبلغ في المدح ، وأَضافه إِلى. مَعَرّة النّعمانِ لأَنها بلدته ، وبها وُلد ، وهي بين حَلب وحَماة ، وأُضيفت إِلى النُّعمان بن بَشيرٍ الأَنصاريّ ، رضياللهعنه ، فنُسِبت إِليه وقيل : دفن بها ولَدٌ له ، والقول الذي أَشار إِليه هو قوله من قصيدة.
ومطلعها :
وَإِني وإِن كُنْتُ الأَخِيرَ زمَانُهُ |
|
لآتِ بما لم تَسْتَطِعْه الأَوائِلُ |
أَلَا فِي سَبيل المَجْدِ مَا أَنَا فَاعِلُ |
|
عَفَافٌ وإِقبَالٌ ومَجْدٌ ونَائِلُ |
وفي الفقرة الالتزام والجِناس التامُّ بين مَعرّة والمعرَّة. ولكني (*) أَقول كما قال الإِمام. أَبو العباس محمد بن يزيد بن عبد الأَكبر الثُّماليّ الأَزديّ البصريّ الإِمام في النحو واللغة وفنون الأَدب ولقبه. المبرّد بفتح الراء المشدّدة عند الأَكثر ، وبعضهم يكسر ، وروى عنه أَنه كان يقول بَرّد الله من بَرّدني ، أَخذ عن أَبي عُثمانَ المازنيّ وأَبي حاتِمٍ السجستاني وطبقتهما ، وعنه نفطَوَيْه وأَصحابه ، وكان هو وثعلب خاتمة تاريخ الأُدباء ، ولد سنة ٢١٠ وتوفي سنة ٢٨٦ ببغداد. في كتابه المشهور الجامع وهو. الكامل وقد جعله ابنُ رشيق في العُمدة من أَركان الأَدب التي لا يَسْتَغنِي عنها مَنْ يُعاني الأَدب ، وله غيره من التصانيف الفائقة ، كالمقتَضَب والرَّوْضة وغيرهما. وهو القائِلُ المحقّ وهذه جملة اعتراضية جيء بها في مدح المبرد بين القول ومقوله وهو. ليس لِقِدَم العَهْد أَي تقدُّمه ، والعَهد : الزمان. يَفْضَلُ أَي يزيد ويكْمُل. الفائل بالفاء ، وضبطه القرافي وغيره بالقاف كالأَوّل ، وهو غلطٌ ، فَالَ رَأْيُه كباع فهو فائِلُهُ ، أَي فاسِدُه وضَعيفه. ولا لِحدْثَانِه هو كحِرْمان أَي القرب ، والضمير إِلى العهد. يُهتَضَم مبنيًّا للمجهول ، أَي يُظلَم ويُنتَقَص من هَضَمَه حَقَّه إِذا نقصه. المُصِيب ضد المخطىء. ولكن الإِنصاف والحق أَن. يُعطى كلٌّ من فائِل الرأْي ومُصِيبه. ما يستحق أَي ما يستوجبه من القبول والردّ ، ومثل هذا الكلام في خُطبة التسهيل ما نصه ، وإِذا كانت العُلوم مِنحاً إِلهية ومواهب اختصاصِيّة ، فغير مُستبعَدٍ أَن يُدَّخَر لبعض المتأَخرين ما عَسُر على كَثير من المتقدِّمين ، والمعنى أَن تَقدُّمَ الزمان وتأَخُّرَه ليست له فضيلةٌ في نفسه ، لأَن الأَزمان كلها متساوية ، وإِنما المعتَبَر الرجالُ الموجودون في تلك الأَزمان ، فالمصيب في رأْيه ونقله ونقده لا يضرُّه تأَخُّرُ زمانِه الذي أَظهره الله فيه ، والمخطىء الفاسدُ الرأْيِ الفاسِدُ الفهمِ لا ينفعه تقدُّم زمانه ، وإِنما المُعَاصرة كما قيل جِجَابٌ ، والتقليد المَحْضُ وَبَالٌ على صاحِبِهِ وعذاب ، أَنشدنا شيخُنا الأَديب عبد الله بن سلامة المؤذن :
قُلْ لمَن لا يَرَى المعاصِرَ شَيْئاً |
|
ويَرى لِلأَوائِل التَّقْدِيمَا |
__________________
(١) سورة الشمس الآية ٩.
(٢) سورة النجم الآية ٣٢.
(*) في القاموس : ولكن.