وتَجُوبُ : قَبِيلَةٌ مِنْ حِمْيَرَ منْهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مُلْجَم الشَّقِيُّ المُرَادِيُّ الحِمْيَرِيُّ التَّجُوبِيُّ مِنْ مُرَادٍ ثُمَّ مِنْ حِمْيَر قَاتِلُ أَمِيرِ المُؤْمنينَ عَليِّ بنِ أَبِي طَالِب رَضِيَ اللهُ عنه ، وغَلِطَ الجَوْهريُّ فَحَرَّفَ بَيْتَ الوَليدِ بنِ عُقْبَة السَّكُونِيِّ (١) :
أَلَا إِنَّ خَيْرَ النَّاسِ بَعْدَ ثَلَاثَةٍ |
|
قَتِيلُ التُّجِيبِيّ الّذي جَاءَ مِنْ مُضَر |
وأَنْشَدَه الجوهريُّ قَتيلُ التَّجُوبيّ ، ظَنًّا منه أَنَّ الثَّلَاثَةَ هُم الخُلَفَاءُ ، وإِنَّمَا هُم أَي الثَّلَاثَة النبيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والعُمَرَانِ : الصِّدِّيقُ الأَكْبَرُ والفَارُوقُ ، رضياللهعنهما ، قال ابنُ فارس في المجمل : وقول الكُمَيْت : قَتِيلُ التَّجُوبيِّ هو ابنُ مُلْجَمٍ ، وكان من وَلَدِ ثَوْرِ بنِ كنْدَةَ ، فَرَوَى الكَلْبِيُّ أَنَّ ثَوْراً هذا أَصَابَ دَماً في قَوْمِه ، فَوَقَع إِلى مُرَاد فقال : جِئتُ أَجُوب إِليكم الأَرْضَ ، فسُمِّيَ تَجُوب.
والتُّجِيبِيُّ : قَاتِلُ عُثْمَانَ ، وهو كِنَانَةُ بن فلان ، بَطْنٌ لهُمْ شَرَفٌ ، وليست التَّاءُ فيهما أَصليّةً ، انتهى ، فالجوهريّ تَبعَ ابنَ فارسٍ فيما ذهب إِليه ، مع موافقته لرأْي أَئمة الصَّرْفِ ، فلا وهَمَ ولا غَلَطَ. مع أَن المؤلف ذكر القَبِيلَتَيْن في ج وب ، غير مُنَبِّه عليه ، ورأَيتُ في حاشيةِ كتاب القاموس بخطِّ بعضِ الفضلاء ، عند إِنشاد البيتِ المتقدم ذِكْرُه ما نصّه : قال الشيخ محمد النّوَاجِيّ : كذا ضَبَطه المصنفُ بخطّه «مُضَر» بضادٍ مُعْجمَة ، كعُمَرَ ، وصوابه «مِصْرِ» بِمُهْملَة ، كقِدْر ، والقَافِيَةُ مَكْسُورَةٌ لأَن بعدَه :
ومَا لِيَ لَا أَبْكِي وتَبْكِي قَرَابَتِي |
|
وقَدْ غَيَّبُوا عَنَّا فُضُولَ أَبِي عَمْرِو |
وكذا رواهُ المَسْعُودِيُّ في مُرُوجِ الذَّهَبِ ، لكن نَسَبَها لنَائِلَةَ بنتِ الفَرَافِصَةِ بنِ الأَحْوصِ الكَلْبَيَّة زَوْجِ عُثمَانَ ، وكذَا رأَيْتُهُ بحاشية بخَطِّ رَضِيِّ الدِّينِ الشَّاطِبِيِّ شَيْخِ أَبِي حَيَّانَ على حاشية ابن بَريّ على الصّحَاح ، نقلاً عن أَبِي عُبَيْدٍ البَكرِيِّ في كِتَابه «فَصْل المَقَالِ في شَرْح الأَمْثَالِ» لِأَبِي عُبَيْدٍ القَاسِمِ بنِ سَلام ، انتهى.
قُلت : وَكَوْنُ الإِنْشَادِ لِنَائِلَةَ الْكَلْبَيَّة هُوَ الأَشْبَهُ ، وقوله في البَيْتِ الأَخِيرِ : «فُضُول أَبِي عَمْرِو» يَعْضَدُ مَا ذَهَبَ إِليه المُؤَلِّفُ ، فإِنّه كُنْيَةُ ثَالثِ الخُلَفَاءِ ، ونسْبَتُه أَي الجَوْهَرِيِّ البَيْتَ السَّابِقَ إِلى أَبِي المُسْتَهِلِّ الكُمَيْتِ بنِ زَيْدٍ وَهَمٌ من الجوهَرِيّ أَيضاً (٢). قَد تقدم أَنه تَبِعَ ابنَ فارس في المُجْمَل. هنا أَيْ مادة «ت ج ب» وضعه الإِمَامُ الخَلِيلُ بنُ أَحْمَد في كِتَابِه العَيْنِ ، وقد تَقَدَّم أَنَّهم تَعَقَّبُوهُ وَغَلَّطُوهُ في ذلك.
* ومما يُسْتَدْرَكُ عليه :
تُجِيبُ ، بالضَّمِّ : مَحَلَّةٌ بِمصْرَ ، اسْتَدْرَكَه شيخُنَا نقلاً عن المراصد ولُبِّ اللبَابِ.
قلْتُ : وهِيَ خِطَّةٌ قَدِيمةٌ نسِبَتْ إِلى بَنِي تُجِيبَ ، ذَكَرها ابنُ الجَوَّانِيِّ النَّسَّابَةُ ، والْمقْرَيزِيُّ في الخطَط.
وقال ابنُ هِشَام : التُّجِيبُ : عُرُوقُ الذَّهَبِ ، هكذَا نَقَلَه المَقَّرِيُّ ، ورأَيْته بخَطِّه ، قال : وفي ذلك يقُولُ أَبُو الحَجَّاجِ الطُّرْطُوشِيُّ يُخَاطبُ التُّجِيبِيَّ صَاحِبَ الفِهْرِسْتِ :
لِي فِي التُّجيبِيِّ حُبٌّ مُبْرمُ السَّبَبِ |
|
جَعَلْتُهُ لِمَفَازِ الحَشْرِ مِنْ سَبَبِي |
نعْمَ الحَبِيبُ حَوَى المَجْدَ الَّذِي خَلَصَتْ |
|
لَهُ جَوَاهِرُهُ مِنْ مَعْدِنِ الحَسَبِ |
مَا كُنْتُ أَحْسَبُ مجْداً فِي أُرُومَتِه |
|
يَكُونُ مِنْ فِضَّةٍ بَيْضَاءَ أَوْ ذَهَبِ |
حَتَّى رَأَيْتُ «تُجِيباً» قِيلَ فِي ذهَبٍ |
|
وفضَّةٍ لُغَةً فِي أَلْسُنِ العَرَبِ |
قَالُوا التُّجِيبَةُ يُعْنُونَ السَّبِيكَةَ مِن |
|
عَالِي اللُّجَيْنِ فَقُلْ فِيهَا كَذَا تُصِبِ |
كذَا العُرُوقُ مِنَ العِقْيانِ قِيلَ لَها |
|
هُوَ التُّجِيبُ رَوَى هذَا أُولُو الأَدَبِ |
يَا حَائِزَ المَعْدِنَيْنِ الأَشْرَفَيْنِ لَقَد |
|
بَاءَا بِأَطْيَبِ ذَاتٍ طَيِّبِ النَّسَبِ |
[تخرب] : التَّخْرَبُوتُ بالفَتْحِ والمُثْنَّاةِ في آخره ، كَذَا في نُسْخَتِنَا ، وهو الذي جَزَمَ به أَبُو حيَّانَ وغيرُه ، وعليه جرى العَلَمُ السَّخَاوِيُّ في سِفْر السَّعَادة فَقَالَ : تَخْرَبُوتٌ ، قال
__________________
(١) كذا ، وهو الوليد بن عقبة بن أبي معيط ، وهو أخو عثمان لأمه ، وهو قرشي وليس سكونياً.
(٢) البيت مما ينسب للكميت ولغيره ، انظر شعره ٣ / ١٨.