وأَرِبَ بِالشَّيْءِ كَفَرِحَ : درِبَ بِهِ وصَارَ فيه مَاهِراً بَصِيراً ، فَهُوَ أَرِبٌ ، كَكَتِفٍ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : ومنه الأَرِيبُ ، أَي ذُو دَهَاءٍ (١) وبصرٍ ، قَالَ أَبُو العِيَالِ الهُذَلِيُّ يرْثِي عَبْدَ بن زُهْرةَ :
يَلُفُّ طَوائِفَ الأَعْدَا |
|
ءِ وَهْو بِلَفِّهِمْ أَرِبُ |
وقد أَرِبَ الرجلُ إِذا احْتَاجَ إِلى الشيءِ وطَلَبه ، يَأْرَبُ أَرَباً قال ابنُ مُقْبل :
وإِنَّ فِينَا صَبُوحاً إِنْ أَرِبْتَ بِهِ |
|
جَمْعاً بَهِيًّا وآلَافَا ثَمَانِينَا (٢) |
جَمْع أَلْفٍ أَي ثَمَانِينَ أَلْفاً ، أَرِبْتَ به ، أَي احْتَجْتَ إِليْهِ وأَرَدْتَه.
وأَرِبَ الدَّهْرُ : اشْتَدَّ وَرَدَ في الحديثِ «قَالَتْ قُرَيْشٌ : لا تَعْجَلُوا فِي الفِدَاءِ لَا يَأْرَبُ عَلَيْكُمْ مُحَمَّدٌ وأَصْحَابُه» أَيْ يَتَشَدَّدُونَ علَيْكُم فِيهِ. قال أَبُو دُوَاد الإِيَادِيُّ يصفُ فَرَساً :
أَرِبَ الدَّهْرُ فَأَعْددْتُ لَهُ |
|
مُشْرِفَ الحَارِك مَحْبُوكَ الكَتَدْ |
قال في «التهذيب» : أَي أَرادَ ذلك مِنَّا وطَلَبَه ، وقولُهم : أَرِبَ الدَّهْرُ ، كأَنَّ له أَرَباً يَطْلبُه عندنَا فَيُلحّ لذلكَ.
وأَرِبَ الرَّجُلُ أَرَباً : أَنِسَ (١).
وأَرِبَ بالشَّيْءِ : ضَنَّ بِهِ وشَحَّ.
وأَرِبَ به : كَلِفَ وعَلِقَ ولَزِمَه قال ابنُ الرِّقَاع :
ومَا لِأَمْرِىءٍ أَرِبٍ بالحَيَا |
|
ةِ ، عَنْهَا مَحِيصٌ وَلَا مَصْرِفُ |
أَيْ كَلِفٍ.
وأَرِبَتْ مَعِدَتُه : فَسَدَتْ. وأَرِبَ عُضْوُه أَيْ سقَطَ ، وأَرِبَ الرَّجُلُ جُذِم وتَسَاقَطَتْ آرَابُهُ ، أَيْ أَعْضَاؤُه وقَدْ غَلَبَ في اليَدِ ، وأَرِبَ الرَّجُلُ قُطِعَ إِرْبُهُ ، وفي حَديثِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهُ «أَنَّه نَقِمَ عَلَى رَجُل قَوْلاً قَالَهُ فَقَالَ لَهُ : أَرِبْتَ عَنْ ذِي يَدَيْكَ» مَعْنَاهُ : ذَهَبَ مَا فِي يَدَيْكَ حَتَّى تَحْتَاجَ ، وفي التهذيب أَرِبْتَ مِنْ ذِي يَدَيْكَ وعَنْ ذي يَدَيْكَ وقَالَ شَمرٌ : سَمعْتُ عن ابن الأَعرابيّ يقولُ : أَرِبْتَ في ذِي يَدَيْكَ ، ومثلُه عن أَبِي عُبَيْدٍ ، وجعلَ شيخُنا مِنْ يَدَيْك ، بِمنْ الجَارَّةِ ، تَحْرِيفاً مِنَ النُّسَّاخِ ، وهو هكذا في التهذيب بالوَجْهَيْنِ ، أَي سَقَطَتْ آرَابُكَ مِن وفي نسخة : عَن اليَدَيْنِ خَاصَّةً ، وقيل : سَقَطَتْ مِنْ يَديْكَ ، قال ابن الأَثِيرِ : وقَدْ جَاءَ في رِوَايَةٍ أُخْرَى لِهذَا الحَدِيثِ : «خَرَرْتَ عَنْ يَدَيْكَ» ، وهي عِبَارَةً عنِ الخَجَل مَشْهُورَةٌ ، كأَنَّهُ أَرَادَ : أَصابَكَ خَجَلٌ (٣) ، ومَعْنَى خَرَرْتَ : سَقطْتَ. وأَمَّا قولُهُم في الدُّعَاءِ : مَالَهُ أَرِبَتْ يَدُهُ فَقِيلَ : قُطِعَتْ ، أَو افْتَقَرَ فَاحْتَاجَ إِلى مَا بِأَيْدِي النَّاسِ قاله الأَزْهريّ «وجَاءَ رَجُلٌ إِلى النبيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فَقَالَ : دُلَّنِي عَلَى عَمَل يُدْخِلُنِي الجَنَّةَ ، فَقَالَ : أَرِبٌ مَالَهُ» (٤) وفي خَبَرِ ابن مَسْعُود «دَعُوا الرَّجُلَ أَرِبَ ، مَالَهُ» قال ابنُ الأَعْرَابيِّ : احْتَاجَ فَسَأَل فمالَهُ. وقالَ القُتَيْبِيُّ أَيْ سَقَطَتْ أَعْضَاؤُه وأُصِيبَتْ ، وقال ابنُ الأَثِيرِ : في هذِهِ اللَّفْظَةِ ثَلَاثُ رِوَايَات : إِحْدَاهَا : أَرِبَ بِوَزْنِ عَلِمَ ومَعْنَاهُ الدُّعَاءُ عَليه ، كَمَا يقالُ : تَرِبَتْ يَدَاكَ ، يُذْكَرُ في مَعْنَى التَّعَجُّب ، ثُمَ قال : مَالَهُ ، أَيْ أَيُّ شَيءٍ بِهِ وَمَا يُرِيدُ ، والرّوَايَةُ الثَّانِيَةُ : أَرَبٌ مَالَهُ. بِوَزْنِ جَمَلٍ ، أَيْ حَاجَةٌ لَهُ ، وَمَا زَائِدَةٌ لِلَّتَقْلِيلِ ، أَيْ لَهُ حَاجَةٌ يَسِيرَةً ، وقِيلَ : مَعْنَاهُ حَاجَةٌ جَاءَتْ بِهِ ، فحَذَف ثُمَّ سَأَلَ فقَالَ : مَالَهُ : والرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ أَرِبٌ بِوَزْنِ كَتِفٍ ، وهُوَ الحاذِقُ الكَامِلُ ، أَيْ هُوَ أَرِبٌ ، فَحَذَفَ المُبْتَدَأَ ، ثُمَّ سَأَلَ فَقَالَ : مَا لَهُ ، أَيْ مَا شَأْنُهُ ، ومِثْلُهُ في حَدِيثِ المُغِيرَةِ بن عَبْدِ اللهِ عن أَبيه (٥).
والأُرْبَةُ بالضَّمِّ هي العُقْدَةُ قَالَهُ ثَعْلَبَ أَوْ هِيَ الَّتِي لَا تَنْحَلُّ حَتَّى تُحَلَّ حَلًّا ، وقَد يُحْذَفُ منها الهَمْزُ فَيُقَالُ رُبَةٌ ، قال الشاعرُ :
هَلْ لَك يَا خَدْلَةُ في صَعْبِ الرُّبَهْ |
|
مُعْتَرِمٍ هَامَتُهُ كالحَبْحَبَهْ |
قال أَبو منصور : هي العُقْدَة ، وأَظُنُّ الأَصلَ كَانَ الأُرْبَةَ فَحُذِفَ الهَمْزُ.
والأُرْبَةُ : القِلَادَةُ أَيْ قِلَادَةُ الكَلْبِ التي يُقَادُ بِهَا ، وكذلك الدَّابَّة ، في لغَة طَيِّئٍ. والأُرْبَةُ : أَخِيَّةُ الدَّابَةِ ، والأُرْبَةُ :
__________________
(١) العجز عن اللسان ، وبالأصل : جمعاً تهيأ آلافاً ثمانينا.
(٢) اللسان : أيِسَ.
(٣) زيد في اللسان : أو ذمٍّ.
(٤) زيد في اللسان : معناه : أنه ذو أرب وخبرة وعلم.
(٥) تمامه في اللسان (أرب).