وروى ابن السِّكيت عن أَبي عمرٍو : تَنَشَّأَ فلان لِحَاجَتهِ : نهَض فيها (١) ومَشَى ، وأَنشد :
فَلَمَّا أَنْ تَنَشَّأَ قَامَ خِرْقٌ |
|
مِنَ الفِتْيَانِ مُخْتَلَقٌ هَضوم |
قال ابن الأَعرابيّ : وسمعت غيرَ واحدٍ من الأَعراب يقول : تَنَشَّأَ فلان غادِياً ، إِذا ذهبَ لحاجته.
واسْتَنْشَأَ الأَخْبَارَ : تَتَبَّعَها وبحث عنها وتَطَلَّبَهَا. وفي الأَساس : اسْتَنْشَأته قَصِيدَةً فَأَنْشَأَها لي ، واسْتَنْشَأَ العَلَمَ : رَفَعه والمُسْتَنْشِئَة في حديث عائشة (٢) رضياللهعنها أَنّه خَطَبَها ودَخَلَ عليها مُسْتَنْشِئَةٌ من مُوَلَّدَاتِ قرَيْشٍ. قال ابن الأَثير : هي اسمُ تلك الكاهنةِ ، وقال غيره : هي الكاهِنَة ، سُمِّيت بذلك لأَنها تستَنْشِئُ الأَخبار ، أَي تَبْحَث (٣) عنها ، من قولك : رَجُلٌ نَشْآنُ (٤) لِلخَبَرِ. ومُسْتَنْشِيَةٌ تُهْمَز ولا تُهْمَز ، وفي خطبة المُحْكَم : ومما يُهمز مما ليس أَصلُه الهمز من جهةِ الاشتقاقِ قولُهم للذئب (٥) : يَسْتَنْشِئُ الرِّيحَ ، وإِنما هو من النَّشْوَة. وقال ابن منظور : من نَشِيتُ الرِّيحَ إِذَا شَمَمْتَها. والاستنشاءُ يُهْمَز ولا يُهْمَز ، وقيل هو من الإِنْشاءِ : الابتداءِ. والكاهنة تَستحْدِث الأُمورَ وتُجَدِّد الأخبار ، ويقال : مِنْ أَيْنَ نَشِيتَ الخَبَرَ بالكسر من غير همزٍ ، أَي مِن أَينَ عَلِمْتَهُ ، وقال الأَزهريّ مُسْتَنْشِئَةُ : اسْمُ عَلَمٍ لتلك الكاهنة التي دَخَلتْ عَلَيْها ، ولا يُنَوَّن للتعريف والتأْنيث.
والمُنْشَأُ والمُسْتَنْشَأُ من أَنْشَأَ العَلَم في المَفَازة والشارعِ (٦) واستنشأَه : المَرْفوعُ المُحَدَّدُ من الأَعْلَامِ والصُّوَى وهو في الأَساس ، وبه فسّر قولَ الشَّمّاخ :
عَلَيْهَا الدُّجَى مُسْتَنْشَآتُ كَأَنَّهَا |
|
هَوَادِجُ مَشْدُودٌ عَلَيْهَا الجَزَائزُ |
وقال الزجاج في قوله تعالى : (وَلَهُ) الْجَوارِ (الْمُنْشَآتُ ، فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ) (٧) هي السُّفُن المَرْفوعَةُ الشُّرُعِ والقُلوع وإِذا لم يُرْفَع قِلْعُها (٨) فَلَيْسَت بِمُنْشآتٍ ، وقرِئ المُنْشِئاتُ ، أَي الرَّافِعَاتُ الشُّرُع. وقال الفرّاءُ : من قَرَأَ المُنْشِئاتُ فهن اللاتي تُقْبِلْنَ وتُدْبِرْن (٩) ويقال : المُنْشِئاتُ : المُبْتَدِئَاتُ في الجَرْي ، قال : والْمُنْشَآتُ : أُقْبِلَ بِهنَّ وأُدْبَرَ.
* ومما يستدرك عليه :
نَشُوءَةُ : جَبَلٌ حِجَازيٌ ، نقله ياقوت.
نصأَ : نَصَأَه ، كمَنَعَه ، أَهمله الجوهري ، وقال الفرَّاءُ : أَي أَخَذَ بِنَاصِيتَه لُغةٌ في نَصَاه المعتلّ ، وبهذا سقط ما قال شيخُنا : تَعَقَّبُوه بأَن الناصِيَة مُعْتَلَّة ، فكيف يُذْكر في المهموز؟ ولذا لم يَذْكره الجوهريُّ وغيرُه ، فتأَمَّل.
ونَصَأَ البَعيرَ يَنْصَؤه نَصْأَ (١٠) إِذَا زَجَرَه ، ونَصَأَ الشيءَ بالهمز نَصْأً (١٠) رَفَعَه (١١) لغة في نَصَصْتُ ، عن الكسائي وأَبي عمرٍو. قال طرفة :
أَمُونٍ كَأَلْوَاحِ الإِرَانِ نَصَأْتُهَا |
|
عَلَى لَاحِبٍ كَأَنَّه ظَهْرُ بُرْجُدِ |
وفي بعض النسخ : دَفَعه ، بناءً على أَنه مَعطوفٌ على زَجَره ، والأَول هو الصواب.
[نفأ] : النُّفَأُ ، كصُرَدٍ هي القِطَعُ المُتَفَرِّقَة من النَّبْتِ هُنا وهُنا او رِيَاضٌ مُجتمِعةٌ تَنْقَطِعَ من مُعْظَم (١٢) الكَلَأ وتُرْبِي عليه قال الأَسودُ بن يَعْفُرَ :
جَادَتْ سَوَارِيهِ وَآزَرَ نَبْتَهُ |
|
نُفَأُ مِنَ الصَّفْرَاءِ والزُّبَّادِ |
ورواه ابن بَرِّيّ : مِن القُرَّاصِ والزُّبَّادِ ، هما نَبْتَانِ من العُشْبِ واحِدته نُفْأَةٌ كَصُبْرَةٍ.
ونَفْءٌ كَنَفْعٍ : ع نقله الصاغاني ولم يُعَيّنه.
[نكأ] : النَّكَأَة ، مُحَرَّكة والنُّكَأَةُ كهُمَزَةٍ لغة في نَكَعَة
__________________
(١) في اللسان : تنشأت إلى حاجتي : نهضت إليها ومشيت.
(٢) النهاية : خديجة.
(٣) عند الهروي : يستنشىء الأخبار : يتبحَّث.
(٤) اللسان : نشيان.
(٥) اللسان : قولهم : الذئب ...
(٦) في الأساس : الشِّراع.
(٧) سورة الرحمن الآية ٢٤.
(٨) في الصحاح : قَلْعُها.
(٩) في اللسان : يقبلن ويدبرْن.
(١٠) اللسان : نَصَأً (عن نسخة دار المعارف المصرية) ، وفي نسخة منه فكالأصل.
(١١) القاموس : دفعه ، وفي الصحاح : رفعته ، وهي لغة في نصيت.
(١٢) الصحاح : عُظْمِ.