ابنُ سيِده في المحكم : أَنبَأَني عنه بذلك أَبو العلاء. قال : وهذا يَأْبَاهُ مَنَأً أَي يدفعه ولا يَقبله ، انتهى. ومراده بأَبي العلاءِ صاعدٌ اللغويُّ الواردُ عليهم في العراق ، كما في المشوف. والمَنيئَةُ أَيضاً : الجِلْدُ ما كان في الدِّباغ. وبعَثَت امرأَةٌ من العرب بِنْتاً لها إِلى جارتها فقالت : تقول لك أُمي : أَعطِيني نَفْساً أَو نَفْسَيْنِ أَمْعَسُ به مَنِيئَتِي فَإِني أَفِدَةٌ.
وفي حديث عُمر رضياللهعنه : وآدِمَةٌ في المَنِيئَةِ. أَي في الدباغ. كذا فَسَّروه. قلت : لعلَّه في المَدْبَغَة ، ويقال للجِلْد ما دام في الدَباغ مَنِيئَةً ، ففي (١) حديث أَسماءَ بنتِ عُمَيْسٍ : وهي تَمْعَس مَنِيئَةً لها.
والمَمْنَأَةُ : الأَرضُ السَّوداءُ يُهمز وقد لا يُهمز (٢) ، وأَما المَنِيَّةُ من المَوْت فمن باب المعتلّ.
وَمَنَأَه أَي الجِلْدَ كمَنَعَه يَمْنَؤُهُ إِذا نَقَعَه في الدِّباغِ حتى انْدَبغ.
وَمَنَأْتُه : وافَقْتُه ، على مثال فَعَلْتُه ، وهو مستدرك عليه.
[موأ] : مَاءَ أَهمله الجوهري ، وقال اللحيانيُّ : ماءَ السِّنَّوْرُ ، وفي العباب : الهِرُّ ، وهو أَخْصَرُ يَمُوءُ مُؤَاءً (٣) بالضَّمِّ في أَوّله وهَمْزَتَيْنِ وصَرِيح عِبارته أَنَّ المُؤاءَ مَصْدَرٌ ، وقال شيخُنا :
وهو القِياس في مصادرِ فَعَل المفتوح الدّال على صَوْتِ الفَمِ ، كما في الخلاصة ، وظاهر عِبارة اللسان وغيرِه من كتب اللُّغة أَن مصدره مَوْءٌ ، كَقَوْلٍ والصوت المُؤَاءُ ، وفي بعضِ النسخ المُوَاء ، بالواو قبل الأَلف : صَاحَ ، به فَسَّره غيرُ واحدٍ ، فهو أَي السِّنَّورُ مَئُوءٌ كمَعُوعٍ أَي بالهمزة قبل الواو الساكنة ، وتجد هنا في بعض النسخ مَوُوءٌ بالواوين.
والمائِئةُ ، بهمزتين ، والمائِيَّةُ بتشديد الياء ويُخَفَّف فيقال مَائِيَة كَماعِيَة ، وهو قولُ ابنِ الأَعرابيّ ، وبه صدَّر في اللسان ، فلا يُلتفت إِلى قول شيخِنا : فلا معنى لذكر التخفيف ، كما هو ظاهر : السِّنَّوْرُ أَهلِيًّا كان أَو وَحْشِيًّا.
وأَمْوَأَ السِّنَّوْرُ إِذا صاحَ ، حكاه أَبو عمرٍو ، والرَّجُلُ : صاحَ صِياحَهَ أَي السِّنَّوْرِ نقله الصاغاني.
فصل النون
مع الهمزة
[نأنأ] نَأْنَأَه إِذا أَحسنَ غِذَاءَه ، ونَأْنَأَه عن الشيءِ إِذا كَفَّه ونَهْنَهَهُ ، قال الأُمويّ : نَأْنَأْتَ الرجُلَ نَأْنَأَةً إِذا نَهَيْتَه (٤) عمَّا يريد وكَفَفْتَه ، في لسان العرب : كأَنه يُريد : إِني حَمَلْته على أَن ضَعُفَ عمَّا أَرادَ وتَرَاخَى ونَأْنأَ في الرَّأْي نَأْنَأَةً ومُنَأْنَأَةً أَي ضَعُف فيه ولمْ يُبْرِمْه ، كذا قاله ابنُ سيده ، وعبارة الجوهريّ : إِذا خَلَّطَ فيه تَخليطاً ولم يُبْرِمه ، قال عبدُ هِنْد بنُ زيدٍ التغلبيُّ ، جاهليٌّ :
فَلَا أَسْمَعَنْ مِنْكُمْ بِأَمْرٍ مُنَأْنَإِ |
|
ضَعِيفٍ ولا تَسْمَعْ بِهِ هَامَتي بَعْدِي |
فَإِنَّ السِّنَانَ يَرْكَبُ المَرْءُ حَدَّهْ |
|
مِنَ الخِزْيِ أَوْ يَعْدُو عَلَى الأَسَدِ الوَرْدِ |
ونَأْنَأَ عنه : قَصُرَ وعَجَز وقال أَبو عمرو : النَّأْنَأَةُ : الضَّعْفُ ، وروى عِكْرِمَةُ عن أَبي بكر الصِّديق رضياللهعنه أَنه قال : طُوبَي لِمَنْ مَاتَ في النَّأْنَأَةِ. مهموزة ، يعني أَوَّلَ الإِسلام قَبْلَ أَن يَقْوَى وَيَكْثُرَ أَهلُه وناصِرُه والدَّاخِلُونَ فيه ، فهو عند الناس ضَعِيفٌ كَتنَأْنَأَ في الكُلِّ ، يقال : تَنَأْنَأَ الرجُلُ إِذا ضَعُفَ واسْتَرْخَى ، قال أَبو عُبَيْدٍ : ومن ذلك قول عَلِيٍّ رضياللهعنه لسُلَيْمَانَ بْنِ صُرَد ، وكان قد تَخلَّف عنه يوم الجَمَل ثُمّ أَتاه بعدُ ، فقال له : تَنَأْنَأْتَ وتَرَاخَيْتَ (٥) ، فكيْفَ رأَيْتَ صُنْعَ اللهِ؟ يريد ضَعُفْتَ واستَرْخَيْتَ. وفي الأَساس. أَي فَتَرْتَ وقَصَّرْتَ. قلت : وقرأْتُ في كِتاب الأَنساب للبلاذُرِيّ في خَبَر الجَمل : حدثني أَبو زكريا يحيى بنُ مُعِينٍ ، حدثنا عبدُ الرحمن بن مَهْدِيّ ، حدثنا أَبو عَوَانةَ ، عن إِبراهيم بن محمد بن المُنْتَشِر عن أَبيه ، عن عُبَيْدِ بن نُضَيْلَة (٦) ، عن سُلَيْمَانَ بن صُرَد قال : أَتيتُ عليًّا حين فَرَغ من الجَمَل فقال لي : تَرَبَّصْتَ ونَأْنَأْتَ. قلتُ : إِن الشَّوْطَ بَطِينٌ (٧) يا أَميرَ المؤمنين ، وقد بَقِيَ من الأُمورِ ما تَعْرِف به صَدِيقَك من عَدُوِّك. هكذا هو مَضْبوطٌ ، كأَنه من التَّأَنِّي. ثم ساقَ رِوايةً أُخرى وفيها : نَأْنَأْتَ وَتَربَّصْتَ وتَأَخَّرْتَ.
__________________
(١) اللسان : وفي.
(٢) اللسان : تهمز ولا تهمز.
(٣) في اللسان : موءاً.
(٤) الصحاح واللسان : نهنهته.
(٥) الأساس : وتربصت.
(٦) بالأصل «فضيلة» وهو عبيد بن نضلة الخزاعي ، ويقال له عبيد بن نضيلة (ثقات العجلي ـ تقريب التهذيب).
(٧) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله إن الشوط بطين قال في النهاية : البطين البعيد أي الزمان طويل يمكن أن أستدرك فيه ما فرط».