قالوا : مراةٌ (١) ثم خُفِّف على هذا اللفظِ ، وأَلحقوا أَلِفَ الوَصْل في المُؤَنَّث أَيضاً فقالوا : امْرَأَة ، فإِذا عَرَّفُوها قالوا المَرْأَة وقَدْ حكى أَبُو عَلِيٍّ الامْرَأَة أَيضاً بدخول ال على امرأَةٍ المَقْرونِ بهمزة الوصل من أَوَّله أَنكرها أَكثرُ شُرَّاح الفَصيح ، ومن أَثبتها حَكم بأَنها ضَعِيفةٌ ، وزاد ابنُ عُدَيس : وامْرَاة ، بأَلف غير مهموزة بعد الراء ، نقله اللَّبْلِيُّ وغيرُه ، قاله شيخُنا ، وقال الليث : امْرَأَةٌ تأْنِيث امْرِئٍ ، وقال ابنُ الأَنباري : الأَلف في امرأَةٍ وامْرِئٍ أَلِفُ وَصْلٍ. قال : وللعرب في المرأَةِ ثَلاثُ لُغَاتٍ ، يقال : هي امْرَأَتُه ، وهي مَرْأَتُه ، وهي مَرَتُه ، وحكى ابنُ الأَعرابيّ : أَنه يقال للمرأَة إِنَّها لَامْرُؤُ (٢) صِدْق ، كالرجل ، قال : وهذا نادِر ، وفي حديث عَلِيّ رضياللهعنه لمّا تَزَوَّج فاطمةَ عليهاالسلام ، قال له يَهودِيٌّ أَراد أَن يَبتاع منه ثِياباً : لقد تَزَوَّجْتَ امْرَأَةً. يريد امرأَةً كامِلَةً ، كما يُقال : فُلانٌ رَجُلٌ ، أَي كامِلٌ في الرّجال.
وفي امْرِئٍ مع أَلِف الوَصْلِ ثَلاثُ لُغات : فَتْحُ الراء دائماً على كلّ حال ، كإِصْبَعٍ ودِرْهَمٍ رَفْعاً ونَصْباً وجَرًّا ، حكاها الفراءُ وضَمُّها دائِماً على كلّ حال ، وإِعرابُها دائماً على كلِّ حال ، أَي إِتباعها حَركة الإِعرابِ في الحَرْف الأَخير ، قاله شيخنا وتقول : هذا امْرُؤٌ ومَرْءٌ بالإِتباع فيهما ، الأَولى بالأَلف ، والثانية بحذف هَمْزِه ورأَيْتُ امْرَأً ومَرْأً ، ومررت بامْرِئٍ وبِمَرْءٍ ، مُعْرَباً مِنْ مَكَانَيْنِ أَي العين واللام بالنسبة إِلى امْرُإِ الذي أَوَّله همزة وصل ، أَو الفاء واللام بالنسبة إِلى مَرْء المُجرّد منها ، قال الكسائيّ والفرَّاءُ : امرُؤٌ مُعْرَب من الرَّاءَ والهمزة ، وإِنما أُعْربتْ (٣) مِن مكانينِ ، والإِعرابُ الواحدُ يَكفي من الإِعرابَيْنِ لأَن آخِره هَمْزةٌ ، والهمزة قد تُتْرَك في كثيرٍ من الكلام. فكَرِهوا أَن يَفْتحوا الراءَ وَيَتْركوا الهمزة فيَقولوا (٤) امْرَوْ ، فتكون الرّاءُ مفتوحةً والواوُ ساكنةً ، فلا تكون في الكلمة علامةٌ للرفع ، فعَرَّبوه مِن الراء ، ليكونوا إِذا تَرَكوا الهَمْزَ آمِنينَ مِن سُقوط الإِعراب. قال الفَرَّاء : ومن العرب مَن يُعْرِبه من الهمزِ وحْدَه ويَدَعُ الرَّاءَ مَفتوحةً فيقول : قامَ امْرَأٌ وَضَرَبْتُ امْرَأً وَمررت بِامْرَإٍ. وقال أَبو بكر : فإِذا أَسقَطت العربُ من امرئ الأَلِفَ فَلَها في تَعرِيبه مَذهبانِ : أَحدُهما التعريبُ مِن مكانين ، والآخرُ التعريبُ مِن مكانٍ واحِدٍ ، فإِذا عَرَّبُوه مِن مكانين قالوا : قام مُرْؤٌ ، وَرأَيْتُ مَرْأً وَمَررت بِمِرْءٍ ، قال (٥) : وترك القُزازُ تعريبِه (٥) مِن مكانٍ واحدٍ ، قال الله تعالى (يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) (٦) على فَتح الميم.
ومَرَأَ الإِنسانُ وفي بعض النسخ زيادة كمَنَع : طَعِمَ يقال : مالَك لا تَمْرَأُ؟ أَي مالَكَ لا تَطْعَم ، وقد مَرَأْتُ أَي طَعِمْتُ ، والمَرْءُ : الإِطعامُ على بِنَاءِ دَارٍ أَو تَزْوِيجٍ.
وَمَرَأَ : اسْتَمْرَأَ. في قولِ ابنِ الأَعرابيّ ومَرَأَ : جَامَعَ امرأَته ، وتقول مَرَأْتُ المَرْأَةَ : نَكَحْتُها.
ومَرِئَ الطعامَ كَفَرِحَ استمرأَه ، عن أَبي زيد.
ومَرِئَ الرجلُ ـ ورَجِلَتِ المرأَةُ ـ صار كَالْمَرْأَة ، هَيْئَةً وحديثاً أَي كلاماً وبالعكس ، وفي بعض النسخ : أَو حديثاً ، وهو المُخَنَّث خِلْقَةً أَو تَصَنُّعاً ، والنِّسْبة إِلى امْرِئٍ مَرَائِيٌّ بِفَتح الراء ، ومنه المَرَائِيُّ الشاعر (٧) ، وأَما الذين قالوا مَرَئِيّ فكَأَنهم أَضافوا إِلى مَرْءٍ ، فكان قِياسُه على ذلك مَرْئِيّ ، ولكنه نادِرٌ مَعدولُ النَّسَبِ ، قال ذو الرُّمَّة :
إِذَا المَرَئِيُّ شَبَّ له بَنَاتٌ |
|
عَقَدْنَ بِرَأْسِه إِبَةً وعَارَا |
وقد أَغفله المُؤَلف ، وتعرَّض شيخُنا لنِسبة امْرِئ ، وغَفَل عن نِسبة مَرْءٍ تقصيراً ، وقد أَوْضَحنا لك النّسبتين.
ومَرْآةُ وهو فَعْلَاة مِن مَرَأَ : اسْمٌ لِقَرْيَةِ مَأْرِب كانت ببلاد الأَزْد ، وهي التي أَخرجهم منها سَيْلُ العَرِم.
ومَرْأَة كَحَمْزَةَ : ة أُخرى ، وقد قيل إِنه منها هِشَامٌ المَرَئِيُّ وفيها يقولُ ذو الرُّمة :
__________________
(١) في الكلام سقط ، نستدركه عن اللسان كما يقتضيه السياق : «وذلك قليل ، ونظيره كماة». قال الفارسي : وليس بمطرد كأنهم توهموا حركة الهمزة على الراء ، فبقي مرأةً.
(٢) عن اللسان ، وبالأصل : لامرأ.
(٣) اللسان : أعرب.
(٤) اللسان : فيقولون.
(٥) في اللسان : قال : ونزل القرآن بتعريبه.
(٦) سورة الأنفال الآية ٢٤.
(٧) في الصحاح : والنسبة إلى امرىءٍ مرئي بفتح الراء ومنه المرئي الشاعر. وكذلك النسبة إلى امرىء القيس إن شئت امرئيٌّ.