لا يَعْقُبُه ضَرَرٌ وإِنْ بَعُدَ هَضْمُه. والمَرِيءُ : سَرِيعُ الهَضْمِ. انتهى. وقال الفرّاءُ : مَرُؤَ الرجلُ مُرُوءَة ومَرُؤَ الطَّعَامُ مَرَاءَةً ، وليس بينهما فَرْقٌ إِلا اخْتلافُ المَصدرَيْنِ. وفي حديث الاستسقاءِ «اسْقِنَا غَيْثاً مَرِيئاً مَرِيعاً وقالوا : هَنِئَنِي (١) الطَّعَامُ ومَرِئَنِي وهَنَأَنِي وَمَرأَني بغير أَلف في أَوَّله على الإِتباع ، أَي إِذا أَتْبَعوها هَنَأَني قالوا مَرَأَني فَإِن أُفرِد عن هَنَأَني فَأَمْرَأَنِي ولا يقال أَهْنَأَني ، يقال : مَرَأَني الطعامُ وأَمْرأَني إِذا لم يثْقُل على المَعِدة وانْحدَر عنها طَيِّباً. وفي حديث الشُّرْبِ «فَإِنَّه أَهْنَأُ وأَمْرَأُ» قال : أَمْرَأَني الطّعامُ إِمراءً ، وهو طَعامٌ مُمْرِئٌ ، ومَرِئْتُ الطَّعَام ، بالكسر : اسْتَمْرَأْتُه ، وما كان مَرِيئاً ولقد مَرُؤَ ، وهذا يُمْرِئُ الطَّعامَ. وقال ابنُ الأَعرابيّ : ما كان الطَّعامُ مَرِيئاً ولقد مَرُؤ (٢) وما كان الرجلُ مَرِيئاً ولقد مَرُؤَ. وقال شَمرٌ عن أَصحابه : يقال مَرِئَ لي هذا الطعامُ مَرَاءَةً ، أَي اسْتَمْرَأَته ، وهَنِىءَ هذا الطعامُ ، وأَكلْنا هذا الطعامَ حتى هَنِئْنَا مِنْه ، أَي شَبِعْنَا ، وَمرِئْتُ الطَّعامَ فاسْتَمْرأْتُه (٣) ، وقَلَّما يَمْرَأُ لك الطعامُ.
وَكَلَأٌ مَريءٌ : غَيْرُ وَخِيمٍ ، ومَرُؤَتِ الأَرْضُ مَرَاءَةً فهي مَرِيئَةٌ أَي حَسُنَ هَواؤُها.
والمَرِيءُ كأَميرٍ : مَجْرَى الطَّعامِ والشَّرابِ ، وهو رَأْسُ المَعِدَةِ والكَرِشِ اللَّاصِقُ بالحُلْقُومِ الذي يَجْرِي فيه الطعامُ والشرابُ ويَدخل فيه ج أَمْرِئَةٌ ومُرُؤٌ مَهموزةٌ بوزن مُرُعٍ ، مثل سَرِيرٍ وسُرُرٍ ، وكلاهما مَقِيسٌ مَسمُوعٌ. وفي حديث الأَحنف : يَأْتِينَا (٤) في مِثْلِ مَرِيءِ نَعَامٍ (٥). المَرِيءُ : مَجْرَى الطعامِ والشرابِ من الحَلْقِ ، ضَرَبه مَثلاً لِضِيق العَيْشِ وقِلَّة الطعامِ ، وإِنما خَصَّ النَّعامَ لِدِقَّةِ عُنُقِه ، ويُستَدَلُّ به على ضِيقِ مَرِيئه ، وأَصلُ المَرِيءِ : رأْسُ المَعِدة المُتَّصِلُ بالحُلقوم ، وبه يكون استِمْرَاءُ الطعامِ ، ويقال : هو مَرِيءُ الجَزُورِ والشَّاةِ للمُتَّصِل بالحُلْقوم الذي يَجْرِي فيه الطعامُ والشرابُ. قال أَبو منصورٍ : أَقرأَني أَبو بَكْرٍ الإِيادِيُّ ، المَرِيءُ لأَبي عُبَيْدٍ ، فهمزه بلا تشديد. قال : وأَقرأَني المُنْذِرِيّ : المَرِيُّ ، لأَبي الهَيْثم فلم يَهْمِزْه وشَدَّد الياءَ.
والمرْءُ ، مُثلَّثة الميمِ لكن الفتح هو القياس خاصَّةً والأُنثى مرْأَة : الإِنسانُ أَي رَجُلاً كان أَو امرَأَةً أَو الرَّجُلُ ، تقول هذا مَرْؤٌ وكذلك في النصب والخَفْض بفتح الميم ، هذا هو القياسُ ، ومنهم من يضُمُّ الميمَ في الرفْع ، ويفتحها في النصب ، ويَخفضها في الكسر (٦) ، يُتْبِعُها الهَمْزَ ، على حَدِّ ما يُتْبِعون الرَّاءَ إِيَّاها إِذا أَدْخلوا أَلِف الوَصْلِ ، فقالوا (٧) : امْرُؤٌ ، وقال أَبو خِرَاشٍ الهُذليُّ :
جَمَعتَ أُمُوراً يُنْفِذُ المِرْءَ بَعْضُها |
|
مِنَ الحِلْمِ والمَعْرُوفِ والحَسَبِ الضَّخْمِ |
هكذا رَواه السُّكريُّ بكسر الميم ، وزعم أَن ذلك لُغَةَ هُذَيْلٍ. ولا يُكَسَّر هذَا الاسم ولا يُجْمَعُ مِن (٨) لَفْظِه جَمْعَ سَلامةٍ ، فلا يقال أَمْرَاءٌ ولا أَمْرُؤٌ ولا مَرْؤُونَ ولا أَمَارِئُ ، ولكن يُثَنَّى فيُقال : هُمَا مِرْآنِ صَالِحَانِ ، بالكسر لُغَة هذيل ويُصَغَّر فيقال مُرَيْءٌ ومُرَيْئَة. وفي الحديث «تَقْتُلُون كَلْبَ المُرَيْئَة» هي تَصغير المَرْأَة أَو سُمِعَ مَرْءُونَ جمع سَلامة ، كما في حديث الحسن «أَحْسِنُوا أَمْلَاءَكُم (٩) أَيُّها المَرْءُونَ قال ابنُ الأَثير : هو جَمْعُ المَرْءِ ، وهو الرجُل ، ومنه قولُ رُؤْبَةَ لِطائفةٍ رَآهم : أَيْنَ يُرِيد المَرْءُونَ؟ وقال في المشوف : هو نادر.
وربما سموا الذِّئب امْرأً ، كذا قاله الجوهريّ ، وصرح الزمخشريُّ وغيره بأَنه مَجازٌ ، وذكر يونس أَن قَوْلَ الشاعر :
وأَنْتَ امْرُؤٌ تَعْدُو عَلَى كُلِّ غِرَّةٍ |
|
فَتُخْطِئُ فيها مَرَّةً وتُصِيبُ |
يَعْنِي به الذئب وَهِيَ الأُنثى بهاءٍ ويُخَفف تخفيفاً قِياسِيًّا ويقال ، وفي بعض النسخ وَيَقِلُّ ، أَي في كلام أَهل اللسان مَرَةٌ بترك الهمز وفتح الراء ، وهذا مُطَّرِد ، قال سِيبويهِ : وقال
__________________
(١) كذا بالأصل واللسان ، وبهامشه «قوله : هنئني الطعام الخ» كذا رسم في النسخ وشرح القاموس أيضاً.
(٢) اللسان : مرأ.
(٣) الصحاح : استمرأته.
(٤) الفائق والأساس : يأتينا ما يأتينا.
(٥) الفائق والأساس : النعامة.
(٦) اللسان : ويكسرها في الخفض.
(٧) الأصل : «فقال امرؤ» وما أثبتناه عن اللسان. وقد أشارت وبهامش المطبوعة المصرية : «قوله فقال امرؤ هكذا بخطه وليحرر».
(٨) اللسان : على.
(٩) في النهاية : «ملأكم» وبهامش المطبوعة المصرية : «قوله أملاءكم أي أخلاقكم قال في النهاية ومنه حديث الحسن أنهم ازدحموا فقال : أحسنوا أملاءكم أيها المرؤن» كذا.