قال أَبو عَمرٍو [بن العلاء] دَفَع فلانٌ جَارِيتَه إِلى فُلانةَ تُقَرِّئُها ، أَي تُمسِكُها عِنْدَها حتى تَحِيضَ لِلاسْتِبراءِ وقد قُرِّئَتْ بالتشديد : حُبِسَتْ لِذلك أَي حتى انْقَضَتْ عِدَّتُها.
وأَقْرَاءُ الشِّعرِ : أَنْوَاعُه وطُرُقُه وبُحوره ، قاله ابنُ الأَثير وأَنْحاؤُه مَقاصِدُه ، قال الهروي : وفي إِسلام أَبي ذَرٍّ قال أَنيس : لقد وَضَعْتُ قَوْلَه عَلَى أَقراءِ الشِّعْرِ فَلَا يَلْتَئِمُ عَلَى لِسَانِ أَحدٍ ، أَي على طُرُقِ الشِّعْرِ وبُحورِه واحدها قَرْءٌ بالفتح ، وقال الزَّمخشَري وغيرُه (١) : أَقراءُ الشِّعْرِ : قَوَافِيه التي يُخْتَمُ بها ، كأَقْرَاءِ الطُّهْرِ التي تنقطع عنها (٢) ، الواحد قَرْءٌ وقُرْؤٌ (٣) وقيل بِتَثليثه وقَرِيءٌ كَبَدِيعٍ ، وقيل هو قَرْوٌ ، بالواو ، قال الزمخشري : يقال للبيتينِ والقصيدتين : هما على قَرْوٍ واحدٍ وقَريٍّ واحدٍ [وهو الرويُّ] (٤). وجمع القَرِيِّ أَقْرِيَةٌ ، قال الكُمَيْتُ :
وَعِنْدَهُ لِلنَّوَى وَالحَزْمِ أَقْرِيَةٌ |
|
وَفِي الحُرُوب إِذَا مَا شَالتِ الأُهَبُ |
وأَصْلُ القَرْوِ والقَصْدُ ، انتهى ومُقْرَأٌ ، كَمُكْرَمٍ هكذا ضَبطه المُحدِّثون د وفي بعض النسخ إِشارة لموضع باليَمَنِ قَريباً من صَنْعَاءَ على مَرْحلة منها به مَعْدِن العَقِيقِ وهو أَجْوَدُ مِنْ عَقِيقِ غَيْرِها ، وعِبارةُ المحكم : بها يُعمَلُ العَقِيقُ ، وعبارة العُبابِ : بها يُصْنَع العَقِيقُ (٥) وفيها مَعْدِنُه ، قال المَنَاوِي : وبه عُرِف أَنَّ العَقِيقَ نَوْعَانِ مَعْدِنِيٌّ ومَصْنُوع ، وكمَقْعَدٍ قَرْيَةٌ بالشامِ مِن نَواحِي دِمَشق ، لكنّ أَهْلَ دِمَشقَ والمُحدِّثون يَضُمُّونَ المِيم (٦) ، وقد غَفَل عنه المُصَنِّف ، قاله شيخُنا ، منه أَي البلد أَو الموضع المُقْرَئِيُّونَ الجماعة من العُلماء المُحَدِّثِين وغَيْرِهم منهم صُبَيح بن مُحْرِز ، وشَدَّاد بن أَفْلَح ، وجميع بن عَبْد ، وَرَاشد بن سَعْد ، وسُوَيد بن جَبَلة ، وشُرَيْح بن عَبْد وغَيْلَان بن مُبَشِّر ، ويُونُس بن عثمان ، وأَبو اليَمان ، ولا يعرف له اسمٌ ، وذو قرنات جابِرُ بن أَزَدَ (٧) ، وأُم بَكْرٍ بنْتُ أَزَدَ (٧) والأَخيران أَورَدَهما المُصنِّف في الذال المعجمة ، وكذا الذي قبلهما في النون ، وأَما المنسوبونَ إِلى القَرْيَةِ التي تَحْت جَبَل قَاسِيُونَ ، فمنهم غَيْلَان بن جَعْفَر (٨) المَقْرِئيّ عن أَبي أُمَامَة ويَفْتَحُ ابنُ الكَلْبِيِّ المِيمَ منه ، فهي إِذًا والبَلْدَة الشَّامِيَّة سَواءٌ في الضَّبْط ، وكذلك حكاه ابنُ ناصرٍ عنه في حاشية الإِكمال ، ثم قال ابنُ ناصرٍ من عِنده : والمُحدّثونَ يقولونه بضَمِّ المِيم وهو خَطأٌ ، وإِنما أَوْرَدْتُ هذا فإِن بعضاً من العلماءِ ظَنَّ أَن قَوْله وهو خَطَأٌ من كلام ابنِ الكَلبِيّ فنَقلَ عنه ذلك ، فتأَمَّلْ.
والقِرْأَةُ بالكسر مثل القِرْعة : الوَبَاءُ قال الأَصمعيّ : إِذا قَدِمْتَ بِلاداً فَمَكَثْتَ بها خَمْسَ عَشْرَةَ ليلةً فقد ذَهَبتْ عنك قِرْأَةُ البِلَادِ وقِرْءُ البِلَادِ ، فَأَمَّا قَوْلُ أَهلِ الحِجازِ قِرَةُ البلادِ فإِنما هو على حذف الهمزةِ المُتَحرِّكة وإِلقائِها على الساكِن الذي قَبْلَها ، وهو نوعٌ من القياس ، فأَمّا إِغْرابُ (٩) أَبي عُبيدٍ وظَنُّه إِيَّاها لُغَةً فخطأٌ ، كذا في لسان العرب. وفي الصحاح (١٠) : أَن قَوْلَهم قِرَةٌ بغير همزٍ ، معناه : أَنه إِذا مَرِض بِهَا بعدَ ذلك فليس من وَبَاءِ البِلادِ قال شيخنا : وقد بقي في الصحاح مما لم يتعرض له المصنف الكلام على قوله تعالى : (إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) الآية.
قلت : قد ذكر المُؤَلّف من جُملةِ المصادر القُرآنَ ، وبَيَّن أَنه بمعنَى القِراءَةِ ، فَفُهم منه مَعْنَى قوله تعالى : (إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) أَي قِرَاءَتَه ، وكِتابُه هذا لم يَتَكَفَّلْ لِبيانِ نُقُولِ المُفَسِّرين حتَّى يُلْزِمَه التَّقصيرَ ، كما هو ظاهِرٌ ، فَلْيُفْهَم.
واسْتَقْرَأَ الجَمَلُ النَّاقَةَ إِذا تَارَكَها لِيَنْظُرَ أَلَقِحَتْ أَمْ لا.
عن أَبي عُبيدَة : ما دَامَتِ الوَدِيقُ في وِدَاقها فهي في قُرُوئِها وأَقْرَائِها.
* ومما يستدرك عليه مُقْرَأَ بن سُبَيْع بن الحارث بن
__________________
(١) اللسان : أو غيره.
(٢) النهاية : ينقطع عندها.
(٣) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : الواحد قرؤ وقرؤ هكذا بخطه بهمز على واو فيهما ولعله مراعاة لحركة الهمزة اه».
(٤) زيادة عن الأساس.
(٥) بهامش المطبوعة المصرية : وهي عبارة الصاغاني في التكملة.
(٦) في اللباب في تهذيب الأنساب : مقراء قرية بدمشق والنسبة إليها مقرائي بضم الميم وقيل بفتحها وسكون القاف وفتح الراء وبعدها همزة.
(٧) كذا «ازد» وفي معجم البلدان «مقرى» : «أزد» بالتحريك. وقد وردت في التاج مادة (أزذ) : أزذ.
(٨) في اللباب في تهذيب الأنساب : غيلان بن معشر المقرائي.
(٩) عن اللسان ، وبالأصل إعراب.
(١٠) بهامش المطبوعة المصرية : «عبارة الصحاح لم تقيد هذا المعنى ، بقرة بغير همز انظر عبارته وتأملها اه».