الرجال وهم قِنْدَأْوُونَ وقيل : هو الكبير العظيم الرأْسِ الصغيرُ الجِسْمِ المَهزولُ. والقِنْدَأْوُ أَيضاً : الجَرِيءُ المُقْدِمُ ، التمثيلُ لِسيبويه ، والتفسير للسيرافي. والقَصيرُ (١) العُنُق الشديدُ الراسِ قاله الليث وقيل : هو الخَفيف ، والصُّلْبُ وقد همز الليثُ : جَمَلٌ قِنْدَأْوٌ وسِنْدَأْوٌ ، واحتجّ بأَنه لم يَجِىءْ بِنَاءٌ على لفظِ قِنْدَأْوٍ إِلَّا وثانيه نُونٌ ، فلما لم يَجِىءْ هذا البناءُ بغيرِ نُونٍ عَلِمنا أَنّ النونَ زائدةٌ فيها ، كالقِنْدَأَوَةِ بالهاء في الكُلِّ مما ذُكر ، وفي عبارته هذه تَسامحٌ ، فإِن الصحيح أَن السَّيِّءَ الخُلُقِ والغِذاءِ والخَفيفَ يقال فيها بالوجهَيْنِ ، وأَما ما عدا ذلك فالثابت فيه القِنْدَأْوُ فقط ، وأَكثرُ ما يُوصَف به الجَمَلُ ، يقال جَمَلُ قِنْدَأْوٌ أَي صُلْبٌ ، وناقة قِنْدَأْوَة جَرِيّة (٢) قال شَمِرٌ : يهمز ولا يهمز والجَرْيُ هو السُّرْعة ، وقد قال في عبارة والجَرِيءُ المُقْدِم ، فلا يُقال إِن المصنف غَفَلَ عما في الصحاح ناقة قِنْدَأْوَةٌ : سَرِيعَةٌ ، كما زعمه شيخنا وَوَهِم أَبو نَصْرِ الجوهريُّ فذكره في حرف الدال المهملة ، بناءً على أَن الهمزة والواو زائدتان ، كما تقدم ، وهو مذهبُ ابنِ عُصفور ، وأَنت خبيرٌ بأَنَّ مثل هذا لا يُعَدُّ وَهَماً ، فلْيُتَأَمَّلْ.
[قرأ] : القُرْآن هو التنزيلُ العزيزُ ، أَي المَقروءُ المكتوب في المَصاحف ، وإِنما قُدِّم على ما هو أَبْسَطُ منه لشرفه.
قَرَأَه وقَرأَ به بزيادة الباءِ كقوله تعالى : (تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ) (٣) وقوله تعالى : (يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ) (٤) أَي تُنْبِتُ الدُّهْنَ ويُذْهِبُ الأَبصارَ وقال الشاعر :
هُنَّ الحَرَائِرُ لا رَبَّاتُ أَخْمِرَةٍ |
|
سُودُ المَحَاجِرِ لا يَقْرَأْنَ بِالسُّوَرِ |
كنَصَرَه عن الزجاجي ، كذا في لسان العرب ، فلا يقال أَنكرها الجماهير ولم يذكرها أَحدٌ في المشاهير كما زعمه شيخُنا وَمَنَعه ، قَرْءاً عن اللحياني وقِراءَةً ككِتابةٍ وقُرْآناً كعُثْمَان فهو قارِئٌ اسم فاعل مِن قومٍ قَرَأَةٍ كَكَتبةٍ في كاتبٍ وقُرَّاءٍ كعُذَّالٍ في عاذِلٍ وهما جَمْعَانِ مُكَسَّرَانِ وقَارِئينَ جمع مذكر سالم : تَلَاهُ ، تَفْسِيرٌ لِقَرأَ وما بعده ، ثم إِن التِّلاوَةَ إِمَّا مُرادِفٌ للقراءَةِ ، كما يُفْهَم من صَنِيع المُؤَلّف في المعتلّ ، وقيل : إِن الأَصل في تَلا معنى تَبِعَ ثم كَثُر كاقْتَرَأَه افتَعَل من القراءَة يقال اقْتَرَأْتُ ، في الشعر وأَقْرَأْتُه أَنا وأَقْرَأَ غيرَه يُقْرِئه إِقراءً ، ومنه قيل : فُلانٌ المُقْرِئ ، قال سيبويه ، قَرأَ واقترأَ (٥) بِمعْنًى ، بِمَنزِلةِ عَلَا قِرْنَه واستعْلَاهُ وَصحيفةٌ مَقْروءَةٌ كمَفعولة ، لا يُجيز الكسائيُّ والفرَّاءُ غيرَ ذلك ، وهو القياس وَمَقْرُوَّةٌ كمَدْعُوَّة ، بقَلْبِ الهمزةِ واواً ، ومَقْرِيَّةٌ كمَرْمِيَّةٌ ، بإِبدال الهمزة ياءً ، كذا هو مضبوطٌ في النُّسخ ، وفي بعضها مَقْرِئَة كمَفْعِلَةٍ ، وهو نادِرٌ إِلَّا في لغةِ من قال : قَرِئْتُ.
وَقَرَأْتُ الكِتَابة (٦) قِراءَةً وقُرْآناً ، ومنه سُمِّيَ القُرْآنُ ، كذا في الصحاح ، وسيأْتي ما فيه من الكلام. وفي الحديث : «أَقْرَؤُكُمْ أُبَيٌّ» قال ابنُ الأثير (٧) قيل : أَرادَ : مِنْ جَماعةٍ مَخصوصين ، أَو في وَقْتٍ من الأَوْقَاتِ ، فإِن غيرَه [كان] (٨) أَقرَأُ منه ، قال : ويجوز أَن يُريد به أَكثرهم قِرَاءَةً ، ويجوز أَن يكون عاماًّ وأَنه أَقْرَأُ أَصحابِه (٩) أَي أَتْقَنُ للقُرآن وأَحفَظُ.
وقَارَأَهُ مُقَارَأَةً وقِرَاءً كَقِتالٍ : دَارَسَه.
واسْتَقْرَأَه : طَلَب إِليه أَن يَقْرأَ.
وفي حديث أُبَيٍّ في سُورَةِ الأَحزاب : إِنْ كَانَتْ لَتُقَارِئ سُورَةَ البَقَرَة ، أَوْ هِي أَطْوَلُ. أَي تُجَارِيها مَدَى طُولِها فِي القِرَاءَةِ ، أَو أَنّ قَارِئَها لَيُساوِي قَارِئ البَقَرَة في زمنِ قِرَاءَتِها ، وهي مُفَاعلَةٌ مِن القِراءَة. قال الخطَّابِيّ : هكَذَا رواه ابنُ هَاشِمٍ (١٠) ، وأَكثرُ الرِّوايات : إِنْ كَانَتْ لَتُوَازِي.
والقَرَّاءُ. كَكَتَّانٍ : الحَسَنُ القِرَاءَةِ ج قَرَّاءُونَ ، ولا يُكَسَّر أَي لا يُجْمع جَمْعَ تكسيرٍ والقُرَّاءُ كَرُمَّان : الناسِك المُتَعَبِّد مثل حُسَّانٍ وجُمَّال ، قال شيخنا : قال الجوهريُّ : قال الفَرَّاءُ : وأَنْشدَني أَبو صَدَقَةَ الدُّبَيْريُّ :
__________________
(١) اللسان : الصغير.
(٢) في اللسان : «وناقة قندأوة جريثة» وفي هامشه : قوله : «ناقة قندأوة جريئة» كذا هو في المحكم والتهذيب بهمزة بعد الياء ، فهو من الجراءة لا من الجري».
(٣) سورة المؤمنون الآية ٢٠.
(٤) سورة النور الآية ٤٥٣.
(٥) عن اللسان ؛ وبالأصل : وأقرأ.
(٦) اللسان : الكتاب.
(٧) عن اللسان ، والحديث في النهاية لابن الأثير (قرأ).
(٨) زيادة عن النهاية.
(٩) قال الهروي في غريبه : «ويجوز أن يحمل «أقرأ» على قاري ، والتقدير قاريء من أمتي أبيّ ، قال اللغويون : الله أكبر ، بمعنى كبير».
(١٠) كذا بالأصل واللسان ، وفي النهاية : ابن هشام.