قال : وهو خارج عن القياس ، وقال قبل هذه العبارة بقليل : وبقِي على المُصنّف :
فاءَت الظّلالُ ، وقد أَشار الجوهريُّ لِبعضها فقال : فيَّأت الشجرة تَفْيِئَةً ، وتَفَيَّأْتُ أَنا في فَيْئِها وَتَفَّيأَت الظِّلَالُ. انتهى. قلت : أَي تَقَلَّبَتْ (١) وفي التنزيل العزيز : (يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ) (٢) والتَّفَيُّؤُ تَفَعُّلٌ من الفَيْءِ ، وهو الظِّلُّ بالعَشِيِّ ، وتَفَيُّؤُ الظِّلال : رُجوعُها بعدَ انتصافِ النهارِ والتَّفَيُّؤُ لا يكون إِلَّا بالعَشِيّ ، والظِّلُّ بالغَدَاة ، وهو ما لم تَنَلْه الشمْسُ.
وَتَفَّيأَتِ الشجرةُ وَفَيَّأَتْ وفَاءَت تَفْيئَةً : كَثُر فَيْؤُها ، وتَفَيَّأْتُ أَنا في فَيْئِها.
وفَيَّأَتِ المرأَةُ شَعَرَها : حَرَّكَتْه من الخُيَلَاءِ.
والريح تُفَيِّئُ الزرعَ ، والشجَرَ : تُحَرّكهما. وفي الحديث : «مَثَلُ المُؤْمِنِ كَخَامَةِ الزَّرْعِ تُفَيِّئُها الرِّيحُ مَرَّةً هُنَا وَمَرَّةً هُنَا» وفي رواية «كالخَامَةِ من الزَّرْعِ ، مِنْ حَيْثُ أَتَتْها الريحُ تُفَيِّئُهَا» أَي تُحرَّكُها وتُمِيلُها يميناً وشَمالاً ، ومنهالحديث : «إِذَا رَأَيتُم الفَيْءَ على رُؤُسهنَّ ـ يعني النساءَ ـ مِثْلَ أَسْنِمَةِ البُخْتِ فَأَعْلِمُوهُنَّ أَنْ لا تُقْبَلَ لهنَّ صلاةٌ» (٣) شبَّه رؤوسهنّ بِأَسْنِمَة البُخْتِ لِكَثْرَة ما وَصَلْن به شُعُورَهن ، حتى صارَ عليها من ذلك ما يُفَيِّئُها ، أَي يُحَرِّكها خُيَلَاءَ وعُجْباً. وقال نافعٌ [بن لقيط] (٤) الفَقعسِيُّ :
فَلَئِنْ بَلِيتُ فَقَدْ عَمِرْتُ كأَنَّنِي |
|
غُصْنٌ تُفَيِّئُهُ الرِّياحُ رَطِيبُ |
وتَفَيَّأَت المرأَةُ لِزوجها : تَثَنَّتْ عليه وَتَكَسَّرَتْ له تَدَلُّلاً وأَلقَتْ نَفْسَها عليه. من الفَيْءِ. وهو الرُّجوع ، ويقال تَقَيَّأَت ، بالقاف ، قال الأَزهريُّ : وهو تصحيفٌ ، والصواب الفاءُ ، ومنه قولُ الراجز :
تَفَيَّأَتْ ذَاتُ الدَّلالِ والخَفَرْ |
|
لِعَابِسٍ حَافِي (٥) الدَّلَالِ مُقْشَعِرّ |
وسيأْتي إِن شاءَ الله تعالى ، وأَفَأْتُ إِلى قَوْمٍ (٦) فَيْئاً ، إِذا أَخَذْتَ لهم سَلَبَ قومٍ آخرينَ فجِئْتَهم به. وأَفأْتُ عليهم فَيْئاً ، إِذا أَخَذْتَ لهم فَيْئاً أُخِذَ منهم.
والفَيْءُ : التَّحَوُّلُ فاءَ الظِّلُّ : تَحَوَّل.
والفِئَةُ ، كَجِعَةٍ : الفِرْقَةُ من الناس في الأَصل ، والطَّائِفَةُ هكذا في الصحاح وغيره ، وفي المصباح : الجَمَاعَةُ ، ولا واحدَ لها من لفْظِهَا ، وقيل : هي الطائفة التي تُقَاتِل وراءَ الجَيْشِ ، فإِن كان عليهم خَوْفٌ أَو هزيمةٌ التَجَئوا إِليهم ، وقال الراغب : الفِئَة : الجماعةُ المُتظاهِرة ، التي يَرجِعُ بعضُهم إِلى بعضٍ في التعاضُدِ. قاله شيخُنا. والهاءُ عِوَضٌ من الياء التي نَقصَتْ من وَسطه ، وأَصْلُها فِيءٌ كَفِيعٍ لأَنه من فَاءَ وج فِئُون على الشذوذ (٧) ، وفِئَاتٌ مثل شِيَاتٍ وَلِدَاتٍ على القياس ، وجعل المكودِي كِلَيْهِما مَقِيسَيْن ، قال الشيخ أَبو محمد بن بَرّيّ ، هذا الذي قاله الجوهريُّ سَهْوٌ ، وأَصله فِئْوٌ مثل فِعْوٍ ، فالهمزة (٨) عَيْنٌ لا لَامٌ ، والمحذوفُ هو لامُها وهو الواو ، قال : وهي من فَأَوْتُ ، أَي فرَّقْتُ ، لأَن الفِئَة كالفِرقَة ، انتهى ، كذا في لسان العرب.
وفي الحديث ـ كذا في النهاية ، وعِبارة الهَروِيّ في غَرِيبه نقلاً عن القُتيبيّ في حديث بعض السلف ـ لا يُؤَمَّرُ ، كذا في النسخ ، وفي بَعضها بالنون ، وهو غلطٌ وفي عبارة الفائق : لا يَحِلُّ لامرِيءٍ أَن يُؤَمِّر ، وفي لسان العرب والنهاية : لَا يَلِيَنَّ مُفَاءٌ : على مُفِيءٍ أَي مَوْلًى على عَرَبِيٍّ المُفاءُ : الذي افتُتِحَتْ بَلدَتُه وكُورَتُه فصارَت فَيْئاً للمسلمين. يقال : أَفأْتُ كذا ، أَي صَيَّرُتُه فَيئاً فأَنا مُفِيءٌ ، وذلك الشيءُ مُفَاءٌ ، كأَنه قال : لا يَلِيَنَّ أَحدٌ من أَهلِ السَّوادِ على الصَّحابة والتابعين الذين افتتحوه عَنْوَةً ، فصار السَّوَادُ لهم فَيْئاً.
والعرب تقول : يا فَيْءَ مالي كَلِمَةُ تَعَجُّبٍ على قول بعضهم ، أَو كلمة تَأَسُّفٍ وهو الأَكثر ، قال :
يا فَيْءَ مَالِي مَنْ يُعَمَّرْ يُبْلِهِ |
|
مَرُّ الزَّمَانِ عَلَيْهِ والتَّقْلِيبُ |
__________________
(١) في اللسان : وتفيأت الظلال أي تقلبت.
(٢) سورة النحل : ٤٨.
(٣) عبارة النهاية : أن الله لا يقبل لهن صلاة.
(٤) عن اللسان.
(٥) اللسان : جافي.
(٦) في اللسان : وأفأت على القوم.
(٧) في المصباح : والفئة ... وجمعها فئات وقد تجمع بالواو والنون جبراً لما نقص.
(٨) بالأصل «فالهمز» وما أثبتناه عن اللسان.