تارة فيقال مَفْيُؤَةٌ ، ويرسم بالواو ، وهكذا في النسخ ، وفي أُخرى وتُضَمُّ فاؤُه أَي فيقال مَفُوءَة كمَقُولَة ، قال شيخُنا ، وهو وَهَمٌ ، لأَنه غير مسموع. انتهى ، وفي لسان العرب : وهي المَفْيُوءَة أَي كمَسْمُوعة ، جاءَت على الأَصل ، وحكى الفارِسيُّ عن ثعلب : المَفِيئَة أَي كمَنِيعَة ، ونقل الأَزهريُّ عن الليث : المَفْيُؤَة بالفاء هي المَقْنُوءَة بالقاف ، وقال غيره : يقال مَقْنَأَة وَمَقْنُوءَة للمكان الذي لا تَطْلُع عليه الشمسُ ، قال : ولم أَسْمَعْ مَفْيُؤَة بالفاء لغير الليث. قال : وهو يُشبه الصوابَ ، وسيُذكر إِن شاءَ الله تعالى في قنأَ.
والمَفْيُوءُ (١) : [هو] المَعْتُوه ، لزِمَه هذا الاسمُ من طُولِ لُزُومِه الظِّلَّ ، قال شيخنا نقلاً عن مَجمع الأَمثال للميدانيُّ المَفْيَأَة والمَفْيُؤَة يُهْمَزانِ ولا يُهمزانِ : هما المكان لا تَطلُع عليه الشمسُ ، وفي المثل المشهور قولهم : «مَفْيَأَةٌ رِبَاعُهَا السَّمائمُ» أَي ظِلٌّ في ضِمْنِه سَمُومٌ (٢) ، يُضْرَب للعَرِيض الجاهِ العَزِيزِ الجانبِ يُرْجَى عندَه الخَيْرُ ، فإِذا أُوِي إِليه لا يَكون له حُسْنُ مَعُونةٍ ونَظرٍ ، وقد أَهمله المصنِّف والجوهريُّ. انتهى.
والفَيْءُ : الغَنِيمَة وقَيّدَها بعضُهم بالتي لا تَلحَقُها مَشَقَّةٌ ، فتكون بارِدَةً كالظِّلِّ ، وهو المأْخوذ من كلام الراغب (٣) ، قاله شيخنا والخَرَاجُ وقد تكرَّر في الحديث ذِكْرُ الفَيْءِ على اختلافِ تَصَرُّفِه ، وهو ما حَصَلَ للمُسْلِمين من أَموالِ الكُفَّارِ من غير حَربٍ ولا جِهادٍ.
والفَيْء : القِطْعَةُ من الطَّيْرِ ويقال لها عَرَقَةٌ (٤) وَصَفٌّ أَيضاً.
وأَصْل الفَيْءِ : الرُّجُوعُ وقيَّدَه بعضُهم بالرجوع إِلى حالَة حَسَنَة ، وبه فُسِّر قولُه تعالى : (فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما) (٥) قاله شيخنا ، ومنه قيل للظلِّ الذي يكون بعد الزَّوَال فَيْءٌ ، لأَنه يرجِعُ من جَانِبِ الغَرْبِ إِلى جانب الشَّرْق ، وسمي هذا المالُ فَيئاً لأَنه رَجَع إِلى المسلمين من أَموال الكُفَّار عَفْوًا بلا قِتالٍ ، وقوله تعالى في قتال أَهل البغي : (حَتّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ) (٦) أَي تَرْجِعَ إِلى الطاعة.
كالفَيْئَةِ بالفتح والفِيئَةِ بالكسر والإِفَاءَةِ كالإِقامة والْاستِفَاءَةِ كالاستقامة.
وفَاءَ رَجَع ، وفاءَ إِلى الأَمرِ يَفِيءُ. وفَاءَه فَيْأً وفُيُوءاً : رجع إِليه وأَفَاءَهُ غيرُه : رَجَعَه ، ويقال فِئْتُ إِلى الأَمر فَيْئاً إِذا رَجَعْتَ إِليه النَّظَرَ ، ويقال للحديدة إِذا كلَّتْ بعد حِدَّتِها :
فاءَتْ ، وفي الحديث : «الفَيْءُ عَلَى ذِي الرَّحِمِ» أَي العَطْفُ عليه والرُجُوع إِليه بالبِرِّ ، وقال أَبو زيد : يقال : أَفأْتُ فُلاناً على الأَمرِ إِفاءَةً إِذا أَرادَ أَمْراً فعَدَلْتَه إِلى أَمْرٍ. وقال غيره (٧) : وأَفاءَ واستفاءَ كفاء ، قال كُثَيّر عَزَّة.
فَأَقْلَعَ مِنْ عَشْرٍ وَأَصْبَحَ مُزْنُهُ |
|
أَفَاءَ وَآفَاقُ السَّمَاءِ حَوَاسِرُ |
وأَنشدوا :
عَقّوا بِسَهْمٍ فَلَمْ يَشْعُرْ بِهِ أَحَدٌ |
|
ثُمَّ اسْتَفَاءُوا وَقَالُوا حَبَّذَا الوَضَحُ |
وفي الحديث : جَاءَت امرأَةٌ من الأَنصارِ بابنتَيْنِ لها فقالت : يا رسول الله ، هاتان ابنتَا فُلانٍ ، قُتِل مَعَك يومَ أُحُدٍ ، وقد استفاءَ عَمُّهما مَالَهما ومِيرَاثَهما. أَي استرجَع حَقَّهما من الميراث وجعله فَيْئاً له ، وهو استفعل من الفَيْءِ ، ومنهحديث عُمَر رضياللهعنه : فلقد رَأَيْتُنَا نَسْتَفِيءُ سُهْمَانَها (٨) ، أَي نَأْخذها لأَنفسنا فنقتَسِمُ (٨) بها.
وفي الأَساس : ويقال مَا لَزِمَ أَحدٌ الفَيْءَ ، إِلَّا حُرِمَ للفَيْء.
ومن المجاز : تَفَيَّأْتُ بِفَيْئِك : التجَأْتُ إِليك. انتهى.
ونقل شيخنا عن الخفاجي في العناية في حواشي النحل : فَاءَ الظلّ : رَجَع ، لازمٌ ، يتعَدَّى بالهمز أَو التضعيف كفَيَّأَه اللهُ وأَفاءَه فَتَفَيَّأَ هُوَ ، وعدَّاه أَبو تَمَّامِ بنفسه في قوله :
فتَفَيَّأْتُ ظِلَّهُ مَمْدُودَا
__________________
(١) اللسان : المفيوءة.
(٢) السموم : الريح الحارة.
(٣) العبارة في مفردات الأصفهاني : وقيل للغنيمة التي لا يلحق فيها مشقة فيء.
(٤) ضبط اللسان : وعَرِقَةٌ.
(٥) سورة الحجرات الآية ٩.
(٦) سورة الحجرات الآية ٩.
(٧) في اللسان : إلى أمرٍ غيره.
(٨) اللسان والنهاية : «سهمانهما ... ونقتسم بها».