وقال أَبو بكر في قوله : ضَربَ فلانٌ على فلانٍ سَايةً : فيه قولان : أَحدهما السَّايَةُ : الفَعْلَةُ من السَّوْءِ فتُرِك همزُها ، والمعنى فَعَل به ما يُؤَدِّي إلى مكروهه والإِساءَةِ به ، وقيل : معناه : جَعَل لما يُرِيد أَن يَفعله به طريقاً ، فالسَّايَةُ فَعْلَةٌ من سَوَيْتُ ، كان في الأَصل سَوْيَة ، فلما اجتمعت الواوُ والياءُ والسابقُ ساكِنٌ ، جعلوها ياءً مُشدَّدَةً ، ثم استثقلوا التشديد فأَتْبَعُوهما ما قبله ، فقالوا سَايَةٌ ، كما قالوا دِينَار ودِيوَان وقِيراط ، والأَصل دِوَّان فاستثْقلوا التشديدَ فأَتبعوه الكسرةَ التي قبله.
ويقال : إن الليلَ طَوِيلٌ ولا يَسُوءُ بالُه (١) ، أَي يسوءُني بالُه (١) ، عن اللِّحيانيِّ ، قال ومعناه الدعاءُ. وقال تعالى : (أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ) (٢) قال الزجّاج : سُوءُ الحِساب : لا يُقبل منهم حسنةٌ ولا يُتَجاوز عن سَيِّئة لأَن كُفْرَهم أَحبط أَعمالَهم ، كما قال تعالى : (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ) (٣) وقيل : سُوءُ الحساب أَن يُسْتَقْصَى عليه حِسابُه ولا يُتَجاوز له [عن] (٤) شيءٍ من سيِّآتِه ، وكِلاهما فيه ، أَلَا تراهم قالوا (٥) : من نُوقِشَ الحِساب عُذِّب.
وفي الأَساس : تقول : سَوِّ ولَا تُسَوِّئْ ، أَي أَصْلِح ولا تُفْسِدْ.
وبنُو سُوأَةَ بالضم : حيٌّ من قيس بن عليٍّ كذا لابن سيده.
وسُوَاءَةُ كَخُرافَةٍ : اسمٌ وفي العُباب : من الأَعلام ، كذا في النسخ الموجودة بتكرير سُوَاءَةَ في محلَّين ، وفي نسخة أُخرى بنو أُسْوَة كَعُرْوَة ، هكذا مضبوط فلا أَدري هو غلط أَم تحريفٌ ، وذكر القَلْقَشَنْدِيّ في نِهاية الأَرب بنو سُوَاءَةَ (٦) بنِ عامرِ بن صَعْصَعة ، بطْنٌ من هَوَازِن من العَدْنانية ، كان له ولدان حَبِيبٌ وحُرْثان (٧) قال في العِبَر : وشعوبهم في بني حُجَير بن سُوَاءَة (٧).
قلت : ومنهم أَبو جُحَيْفة وَهْب بن عبد الله المُلَقَّب بالخَيْر السُّوائِيّ ، رضياللهعنه ، روى له البخاري ومسلم والترمذي ، قال ابن سعد : ذكروا أَن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم تُوُفِّي ولم يبلغ أَبو جُحيفَة الحُلُم ، وقال : تُوفِّي في وِلاية بِشْر بن مَرْوان ، يعني بالكُوفة ، وقال غيره : مات سنة ٧٤ في ولاية بِشْر ، وعَوْنُ بنُ [أبي] (٨) جُحَيْفَة سَمِع أَباه عندهما ، والمنذريّ حرر عند مسلم ، كلّ ذلك في رجال الصحيحين لأَبي طاهر المَقْدسِي.
وفي أَشجع بنو سُوَاءَة بن سُلَيم ، وقال الوزير أَبو القاسم المغربي : وفي أَسد سُواءَة بن الحارث بن سعد بن ثَعْلَبة بن دُودَان بن أَسَدَ ، وسُوَاءَة بن سَعْد بن مالك بن ثَعْلبة بن دُودَان بن أَسد ، وفي خَثْعَم سُوَاءَة بن مَنَاة بن نَاهِس بن عِفْرِس (٩) بن خَلَف بن خَثْعَم.
وقولهم : الخَيْلُ تَجرِي عَلَى مَسَاوِيها ، أَي أَنها وإن كانت بها عُيُوبٌ وأَوْصابٌ فإِنَّ كَرَمَها مع ذلك يَحْمِلُهَا على الإِقدام والجَرْيِ. وهذا المثل أَورده الميدانيّ والزمخشريّ ، قال الميدانيّ بعد هذا : فكذلك الحُرُّ الكريمُ يَحتمل المُؤَنَ ، ويحْمِي الذِّمار وإِن كان ضعيفاً ، ويستعمِل الكَرَمَ على كلِّ حالٍ ، وقال اليوسى في زهر الأَكم : إِنه يُضْرب في حِمَاية الحَرِيم والدَّفع عنه مع الضرر والخوف ، وقيل : إن المراد بالمثل ، أَن الرجلَ يُستمتَع به وفيه الخِصالُ المكروهة ، قاله شيخُنا ، والمَساوِي هي العُيوبُ ، وقد اختلفوا في مُفردِها ، قال بعضُ الصرفيين : هي ضدّ المحاسِن ، جمع سُوءٍ ، على غير قياس ، وأَصله الهمز ، ويقال : إنه لا واحد لها كالمحاسن (١٠).
__________________
(١) عن اللسان ، وبالأصل : ماله.
(٢) الرعد الآية ١٨.
(٣) سورة محمد الآية ١.
(٤) عن اللسان.
(٥) كذا بالأصل «قالوا» بواو الجمع والمعروف «قال» أي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم خطاباً للسيدة عائشة كما في صحيح البخاري.
(٦) في نهاية الأرب ص ٢٧٥ «بنو سوادة» وما أثبتناه يوافق جمهرة أنساب العرب لابن حزم ص ٢٧٢ والاشتقاق لابن دريد ص ٢٩٣ وفيه سُواءة فعالة من قولهم سؤته أسوءه مساءة.
(٧) عن جمهرة الأنساب لابن حزم ، وبالأصل «خرثان» وفي نهاية الأرب : «حرقان» وزاد ولداً ثالثاً هو «حُجير».
(٨) سقطت من الأصل والطبعة الكويتية ، واستدركناها عن جمهرة ابن حزم.
(٩) عن جمهرة ابن حزم ، وبالأصل «عقرس» وفي ولد ناهس ذكر : حام وأجرم وأوس مناة وهو الحنيك.
(١٠) في المصباح المنير : المساءة نقيض المسرة وأصلها مسوأة على مفعلة بفتح الميم والعين ولهذا ترد الواو في الجمع فيقال هي : المساوي لكن استعمل الجمع مخففاً.