لَمْ يهَبْ حُرْمةَ النَّدِيمِ وحُقَّتْ |
|
يا لَقَوْمٍ لِلسَّوْأَةِ السَّوْآءِ |
والسَّيِّئَةُ : الخَطِيئَةُ أَصلُها سَيْوِئَة ، قُلِبت الوَاو ياءً وأُدْغِمت. في حدِيث مُطَرِّف قال لابنِه لما اجتهدَ في العِبادةِ : خَيْرُ الأُمورِ أَوْسَاطُها ، والحَسَنةُ بين السَّيِّئَتَيْنِ ، أَي الغُلُوُّ سيِّئَةٌ والتَّقصير سيِّئَةٌ ، وفَعْلةٌ حسنةٌ ، وفَعْلة سَيِّئَة ، وهي (١) والسَّيِّئُ عَملانِ قَبِيحانِ ، وقَوْلٌ سيِّئٌ : يسُوءُ ، وهو نَعْتٌ للذَّكر من الأَعمال ، وهي (٢) للأُنثى ، واللهُ (يَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ) ، وفي التنزيل العزيز : (وَمَكْرَ السَّيِّئِ) (٣) فأَضافه ، وكذا قولُه تعالى : (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلّا بِأَهْلِهِ) والمعنى مَكْرُ الشِّرْكِ. وقرأَ ابنُ مسعود ومَكْراً سَيِّئاً ، على النعْتِ ، وقولُه :
أَنَّى جَزَوْا عامِراً سَيْئاً بِفِعْلِهِمُ |
|
أَمْ كَيْفَ يَجْزُونَنِي السُّوأَى منَ الحَسَنِ؟ (٤) |
فإِنه أَراد سَيِّئاً فَخفَّفَ ، كَهيْن وهَيِّنٍ ، وأَراد : من الحُسْنَى ، فوضَع الحَسَن مكانه ، لأَنه لم يُمْكِنه أَكثَرُ من ذلك ، ويقال : فُلانٌ سَيِّئُ الاخْتِيارِ ، وقد يُخَفَّف ، قال الطُّهَوِيُّ :
ولَا يَجْزُونَ مِنْ حَسَنٍ بِسَيْءٍ |
|
ولَا يَجْزُونَ مِنْ غِلَظٍ بِلين (٥) |
وقال الليث : ساءَ الشيءُ يَسُوءُ سَواءً كسَحَابٍ [فِعْلٌ] (٦) لازِمٌ ومُجاوِزٌ ، كذا هو مضبوط ، لكنه في قوْل الليث : سَوْأً بالفتح بدل سَوَاءٍ ، فهو سَيِّئٌ إِذا قَبُحَ ، والنَّعْتُ منه على وزن أَفْعَل ، تقول رجُلٌ أَسْوَأُ أَي أَقْبَحُ وهي سَوْآءُ : قَبِيحةٌ ، وقيل : هي فَعْلَاءُ لا أَفْعَلَ لها ، وفي الحديث عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «سَوْآءُ ولُودٌ خَيْرٌ مِنْ حسْنَاءَ عَقِيمٍ» قال الأُمويُّ : السَّوْآءُ : القبيحة ، يقال للرجل من ذلك أَسْوأُ ، مهموزٌ مقصورٌ ، والأُنثى سَوْآءُ ، قال ابنُ الأَثيرِ : أَخرجه الأَزهريُّ حديثاً عن النبيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأَخرجه غيرُه حديثاً عن عُمر رضِى الله عنه ، ومنهحدِيثُ عبدِ الملكِ بن عُميْرٍ : السَّوْآءُ بنتُ السَّيَّدِ أَحبُّ إليَّ مِن الحسْنَاء بِنْتِ الظَّنُونِ (٧).
ويقال : ساءَ ما فَعَلَ فُلانٌ صَنيعاً يسُوءُ ، أَي قَبُحَ صَنِيعُه صَنيعاً وسَوَّأَ عليه صَنِيعهُ أَي فِعْلَه تَسْوِئَةً وتَسْويئاً : عَابَهُ عليه فيما صَنَعه وقال له (٨) أَسَأْتَ يقال. إِنْ أَخْطَأْتُ فَخَطِّئْنِى ، وإِنْ أَسَأْتُ فَسَوِّئْ علَيَّ ، كذا في الأَساس (٩) ، أَي قَبِّحْ علَيَّ إِساءَتي ، وفي الحديث : فما سَوَّأَ عليه ذلك ، أَي ما قال له أَسَأْتَ.
* ومما أَغفله المصنف :
ما في المحكم : وذا مِمَّا ساءَك وناءَك. ويقال : عندي ما ساءَهُ وناءَهُ ، وما يَسُوءُه ويَنُوءُهُ.
وفي الأَمثال للميداني : «تَركَ ما يَسُوءُهُ ويَنُوءُهُ» يُضرب لمن تَرك مالَه للورثة ، قيل : كان المحبوبي ذا يسارٍ ، فلما حضرتْه الوفَاةُ أَراد أَن يُوصِيَ ، فقيل له : ما نَكْتُب؟ فقال : اكتبوا : تَركَ فُلَانٌ ـ يعْني نَفْسه ـ ما يَسُوءُه ويَنُوءُه. أَي مالاً تأْكُلُه وَرَثَتُه ويَبْقَى عليه وِزْرُه.
وقال ابن السكيت : وسُؤْتُ به ظَنَّا وأَسَأْتُ به الظَّنَّ ، قال : يُثبتون الأَلف إِذا جاءُوا بالأَلف واللام ، قال ابن برِّيّ : إنما نَكَّر ظَنَّا في قوله سُؤْتُ به ظَنًّا لأَن ظَنًّا مُنتصب على التمييز ، وأَما أَسأْت به الظَّنَّ ، فالظَّنُّ مفعولٌ به ، ولهذا أَتى به معرفةً ، لأَن أَسأْتُ متعَدٍّ ، وقد تقدمت الإِشارة إليه.
وسُؤتُ له وجْهَ فلانٍ (١٠) : قَبَّحْتُه ، قال الليث : ساءَ يسوءُ فِعْلٌ لازِمٌ ومُجاوِزٌ.
ويقال سُؤْتُ وجْهَ فِلانِ وأَنا أَسُوءُه مَساءَةً ومَسائِيَة (١١) ، والمَسايَةُ لغةٌ في المساءَةِ تقول : أَردت مَساءَتك ومَسايَتَك ويقال أَسأْتُ إليه في الصُّنْع ، وخَزْيَانُ سَوْآنُ من القُبْحِ.
__________________
(١) زيد في اللسان : وقد كثر ذكر السيئة في الحديث ، وهي والحسنة من الصفات الغالية.
(٢) يريد السيئة.
(٣) سورة فاطر الآية ٤٢.
(٤) البيت في البيان والتبيين ١ / ١٠ ونسبه لأفنون بن صريم التغلبي من أبيات. وفيه «سوأى» بدل «سيئاً».
(٥) مرّ قريباً باختلاف الرواية.
(٦) عن اللسان.
(٧) بهامش المطبوعة المصرية : الظنون الرجل القليل الخير قاله في اللسان.
(٨) «له» ليست في القاموس.
(٩) كذا بالأصل ، وهي عبارة اللسان ، وأما ما ورد في الأساس (سوأ) : وسوأتُ على فلان ما صنع إذا قلت له أسأت. وورد في الأساس (خطأ) : إن أخطأت ... فسوىء عليّ وسوّئني.
(١٠) اللسان : وجهه.
(١١) عن اللسان ، وبالأصل «مساية» والنقل عنه.