وفي العُباب : التِّحْلِئُ : ما أَفْسَدَه السِّكِّين مِنَ الجِلْدِ إِذا قُشِرَ تقول منه حَلِئَ الأَدِيمُ ، بالكسر ، حَلأً ، بالتحريك ، إِذا صار فيه التِّحْلِئُ.
والحَلأُ مُحركَةً أَيضاً : العُقْبُولُ ، وتقول من ذلك حَلِئَ الرجلُ كَفَرِح إِذا صَارَ فيه التِّحْلِئُ هكذا في سائر النسخ ، والأَوْلَى : إِذا صار فيه الحَلأُ ويقال : حَلِأَتِ الشَّفَةُ إِذا بَثُرَتْ بعد المَرَضِ (١) قال الأَزهريّ : وبعضهم لا يَهمزِ فيقول : حَلِيَتْ شَفَتُه حَلًى ، مقصور ، وقال ابن السكّيت في باب المقصور والمهموز : الحَلأُ هو الحَرُّ الذي يَخْرُج على شَفةِ الرجُلِ غِبَّ الحُمَّى والمِحْلأَةُ بالكسر اسم ما حُلِئَ ، بِهِ الأَديم أَي قُشِر وقال شَمِرٌ : الحَالِئَةُ : حَيَّةٌ خَبيثةٌ تَحْلأُ مَنْ تَلْسَعه السَّمَّ ، كما يَحْلأُ الكَحَّالُ الأَرْمَدَ حُكَاكَةً فيكْحُلُه بها ، وبه فُسِّر المَثلُ المُتقدِّم.
ومن المجاز : رَجُلٌ تِحْلِئَةٌ إِذا كان ثقيلاً يَلْزَقُ بالإِنسان فَيَغُمُّه.
ومن الأَمثال : حَلُوءَةٌ تُحَكَّ بِالذَّرَارِيحِ يُضْرَب لمن قولُه حسن وفِعله قبيح والتركيب يدلُّ على تنحية الشيء.
[حمأ] : الحَمْأَةُ بفتح فسكون : الطِّين الأَسود المُنْتِن كالحَمَإِ مُحَرَّكَةً قال الله تعالى : (مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) (٢) وفي كتاب المقصور والممدود لأَبي عليٍّ القالي : الحَمَأُ : الطين المُتَغَيِّر ، مَقصورٌ مهموزٌ ، وهو جَمْعُ حَمَأَةٍ ، كما يقال قَصَبَةٌ وقَصَبٌ ، ومثله قال أَبو عبيدة ، وقال أَبو جعفر : وقد تُسَكَّن الميمُ للضرورة في الضرورة ، وهو قولُ ابنِ الأَنبارِيّ.
وحَمِئَ الماءُ كَفَرِح حَمْأً بفتح فسكون وحَمَأً محركةً : خالَطَتْه الحَمْأَة فكَدِر تغيَّرت رائحتُه وحَمِئَ زَيْدٌ عليه : غَضِبَ ، عن الأُمويّ ، ونقل اللِّحيانيُّ فيه عَدَم الهَمْزِ ويقال : أَحْمَأْتُ البِئْرَ إِحماءً إِذا أَلْقَيْتُهَا أَي الحَمْأَة فيها.
ويقال حَمَأْتُها كمنَعْتُ إِذا نَزَعْتُ حَمْأَتَهَا عن ابن السكيت.
اعلم أَن المشهور أَن الفِعل المُجَرَّد يَرِد لإِثباتِ شيءٍ ، وتزاد الهمزةُ لإِفادة سَلْبِ ذلك المعنى ، نحو شَكَى إِليَّ زَيْدٌ فأَشْكَيْتُه ، أَي أَزَلْت شَكْوَاه وما هُنا جاءَ على العكس ، قال في الأَساس : ونَظِيره قَذَيْتَ العَيْنَ وَأَقْذَيْتَها. وفي التهذيب : أَحْمَأْتُها أَنَا إِحماءً إِذا نَقَّيْتُها من حَمْأَتِها ، وحَمَأْتُها إِذا أَلْقَيتُ فيها الحَمْأَة ، ذكر هذا الأَصمعيُّ في كتاب الأَجناس كما أَوردَه الليثُ ، قال : وما أَرَاه محفوظاً. ويقال : حَمِئَت البئْرُ حَمَأً فهي حَمِئَةٌ إِذا صارت فيها الحَمْأَة وكَثُرَتْ ، وَعَيْنٌ حَمِئَةٌ. وفي التنزيل : (تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ) (٣) وقرأَ ابنُ مسعود وابن الزُّبَيْر فِي عَيْنٍ حَامِئَةٍ ومن قَرأَ حَامِيَةٍ بغير هَمْزٍ أَراد حَارَّة ، وقد تكون حارّةً ذاتَ حَمْأَةٍ.
والحَمْءُ بالهمز ويُحَرَّك والحَمَا كَقَفاً ، ومن ضبطه بالمدّ فقد أَخطأَ والحَمُو مثل أَبو ، كذا هو مَضبوطٌ في النُّسخ الصحيحة. وضبطه شيخُنا كدَلْوٍ والحَمُ محذوفُ الأَخيرِ كَيَدٍ ودَمٍ وهؤلاءِ الثلاثةُ الأَخيرة محلُّها باب المعتَلّ : أَبو زَوْجِ المرأَةِ خاصَّةً ، وهي الحَماةُ أَو الواحدُ مِن أَقارِب الزَّوْجِ والزَّوْجة ، ونقل الخليلُ عن بعضِ العربِ أَن الحَمُو يكون من الجانِبيْنِ ، كالصِّهرِ ، وفي الصحاح والعُباب : الحَمْءُ : كلُّ مَن كان مِنْ قبَلِ الزوْجِ ، مثلُ الأَخِ والأَبِ والعَمِّ ، وأَنشد أَبو عمرٍو في اللغة الأُولى : (٤)
قُلْتُ لِبَوَّابٍ لَدَيْهِ دَارُهَا |
|
تِيذَنْ فَإِنِّي حَمْؤُهَا وجَارُهَا |
ج أَحْمَاءٌ كشَخْصٍ وأَشخاصٍ وأَمَّا الحديث المتّفَق على صِحَّته ، الذي رواه عُقبةُ بن عامرٍ الجُهَنِيُّ رضياللهعنه ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أَنه قال «إِيّاكُمْ والدُّخولَ عَلَى النِّساءِ» فقال رجلٌ من الأَنصار : يا رسولَ الله أَفرَأَيْتَ الحَمْءَ؟ فقال : «الحَمْءُ المَوْتُ» فمعناه أَن حَمَاهَا الغَايَةُ في الشَّرِّ والفَسَادِ ، فشبَّهه بالموْتِ (٥) ، لأَنه قُصَارَى كلِّ بلاءٍ وشِدَّة ، وذلك أَنه شَرٌّ من الغَرِيبِ مِن حيثُ إِنه آمِنٌ مُدلّ والأَجنبيُّ مُتَخوِّفٌ مُتَرقِّبٌ ، كذا في العُباب.
__________________
(١) أي خرج فيها غبّ الحمى بثورها.
(٢) سورة الحجر : الآيات ٢٦ ، ٢٨ ، ٣٣. وفي المطبوعة المصرية «ألحما» دون همز في الموضعين.
(٣) سورة الكهف الآية ٨٦.
(٤) كذا بالأصل ، وقد ورد في الصحاح أن في الحمء أربع لغات.
وفي العين : وفي الحمو ثلاث لغات : حماها مثل (عصاها) ، وحموها مثل (أبوها). رحمؤها ـ مقصور مهموز ـ مثل (كمؤها).
(٥) وهذه كلمة تقولها العرب ، كما تقول الأسد الموت ، والسلطان النار ، أي لقاؤهما مثل الموت والنار. (النهاية).