كَأَنِّي أَراهُ بِالحُلَاءَةِ شَاتِياً |
|
يُقَفِّعُ أَعْلَى أَنْفِه أُمُّ مِرْزَمِ |
ويُكْسَر والذي قرأْتُ في أَشعارِ الهُذَلِيّين ، قال صَخْرُ بنُ عبدِ الله يهجو أَبا المُثَلَّم :
إِذَا هُوَ أَمْسَى بِالحَلَاءَةِ شَاتِياً |
|
تُقَشِّرُ أَعْلَى أَنْفِهِ أُمُّ مِرْزَمِ |
الحلاءَة بفتح الحاء وبالكسر (١) رواية أَبي سعيدٍ السُّكَّرِيّ : مَوْضِعُ قُرٍّ وبَرْد وأُمُّ مِرْزم : الشَّمَال ، عَيَّره أَنه نازِلٌ بمكانٍ بَارِدٍ سَوْءٍ. فأَجابه أَبو المُثَلَّم :
أَعَيَّرَتْنِي قُرَّ الحِلَاءَة شَاتِياً |
|
وَأَنْتَ بِأَرْضٍ قُرُّهَا غَيْرُ مُنْجِم |
أَي غير مُقْلِع والحُلَاءَةُ بالضَّمِّ قِشْرَةُ الجِلْدِ التي يَقْشِرُها الدَّبَّاغُ مما يَلِي اللحْمَ والحِلاءَة بالكَسْر واحدةُ الحِلاءِ بالكسر والمَدِّ ، وهي اسم لجِبَالٍ قُرْبَ مِيطَانَ لا نَبات بها تُنْحَتُ مِنْهَا الأَرْحِيَةُ وتحْمَل إِلى المَدينة على ساكنها السلامُ (٢) والحَلُوءُ ، كَصَبور : حَجَرٌ يَسْتَشْفِي به (٣) بالبناء للمعلوم الرَّمِدُ ككتِفٍ فاعلُه ، وقال ابن السكِّيت : الحَلُوء :
حَجرٌ يُدْلَك عليه ثم تُكْحَلُ به العَيْنُ ، قال أَبو المُثَلَّم الهُذَلِيُّ يُخاطب عامِرَ بنَ عَجْلَانَ الهُذليّ :
مَتَى مَا أَشَأْ غَيْرَ زَهْوِ المُلُو |
|
كِ أَجْعَلْكَ رَهْطاً عَلَى حُيَّضِ |
وَأَكْحُلْكَ بِالصَّابِ أَوْ بالحَلُوءِ |
|
فَفَتِّحْ لِعَيْنِكَ أَوْ غَمِّضِ (٤) |
ويروي : بِالجِلَاءِ.
وَحلَأَه أَي الإِبلَ عن الماءِ تَحْلِيئاً وتَحْلِئَةً : طَرَدَه عنه ومَنَعه قال إِسحاق بن إِبراهيم المَوْصليّ في مُعاتبة المأْمون :
يَا سَرْحَة الماءِ ، قَدْ سُدَّتْ مَوَارِدُهُ ، |
|
أَمَا إِليكِ سَبِيلٌ غَيْرُ مَسْدُودِ |
لِحَائِمٍ حَامَ ، حَتَّى لَا حَوَامَ بِهِ ، |
|
مُحَلَّا عَنْ سَبِيلِ المَاءِ ، مَطْرُودِ |
هكذا رواه ابن بَرّيّ ، وقال : كذا ذكره أَبو القاسم الزجّاجي في أَماليه ، وفي العباب : وأَنشده الأَصمعيَّ فقال : أَحسَنْت في الشّعر ، غير أَنَّ هذه الحاءَات لو اجتمعت في آيةِ الكُرْسِيّ لَعابَتْهَا.
قال : وكذلك غَيْرَ الإِبلِ ، قال امرؤُ القَيس :
وَأَعْجَبَنِي مَشْيُ الحُزُقَّةِ خَالِدٍ ، |
|
كَمَشْيِ أَتَانٍ حُلِّئَتْ عَنْ مَنَاهلِ |
وفي اللسان : وكذلك حَلأَ القَوْمَ ، قال ابنُ الأَعرابيّ : قالت قُرَيْبَةُ : كان رجلٌ عاشِقاً (٥) لِمَرأَةٍ ، فتَزَوَّجَها فجاءَها النساءُ ، فقال بعضُهنّ لبعضٍ :
قَدْ طَالَمَا حَلَّاتُمَاهَا لَا تَرِدْ |
|
فَخَلِّيَاهَا والسِّجَالَ تَبْتَرِدْ |
وفي الحديث : «يَرِدُ عَلَيَّ يَوْمَ القِيامَة رَهْطٌ فَيُحَلَّؤُونَ عَنِ الحَوْضِ» ، أَي يُصَدُّونَ عنه ويُمْنَعونَ من وُرُوده ، وفي حديثِ سَلَمةَ بنِ الأَكْوَعِ : «فَأَتَيتُ النبيَّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو عَلَى الماءِ الذي حَلَّيْتُهم عنه بِذِي قَرَدٍ» هكذا جاءَ في الرواية غيرَ مهموز ، قُلِبَت الهمزةُ ياء ، وليس بالقِياس ، لأَنَّ الياءَ لا تُبدَل من الهمزة إِلّا أَن يكون ما قبلها مكسوراً [نحو بيرٍ وإيلافٍ] (٦) ، وقد شَذَّ قَرَيْتُ في قرَأْت ، وليس بالكثير والأَصل الهمز.
وحَلَّأَه كذا دِرْهَماً : أَعطاه إِيَّاه كَحَلأَهُ وَأَحْلأَهُ.
وحَلأَ السَّوِيقَ تَحْلِئَةً : حَلَّاهُ ، وكذلك أَحْلأْتُ السَّوِيقَ ، قال الفَرَّاءُ : قد هَمَزُوا غَيْرَ مَهموزٍ ، لأَنه من الحَلْوَاءِ بالمَدْ (٧) ، وكذلك رَثأْتُ المَيتَ ، وسيأْتي في درأَ توضيح لذلك.
والتِّحْلِئُ ، بِالكسر : شَعَرُ وَجْهِ الأَدِيمِ وَوَسَخُه وسَوَادُه كالتِّحْلِئَةِ بالهاء ، وقد صرح أَبو حَيَّان بزيادة تاءَيهما.
__________________
(١) معجم البلدان : الحلاءة بالكسر ويروى بالفتح.
(٢) في معجم البلدان : يقابل ميطان من جبال المدينة جبال كبار شواهق يقال لها الحِلاءة لا تنبت شيئاً ولا ينتفع بها إلا ما يقطع للارحاء ويحمل إلى المدينة وما حواليها.
(٣) القاموس : يستشفى بحكاكته.
(٤) مر البيتان في مادة «أبأ».
(٥) اللسان : عاشق.
(٦) عن اللسان.
(٧) وقال الليث : تقول حليت السويق. قال ومن العرب من همزه ، فقال : حلأت السويق ، قال : وهذا منهم غلط.