إِنَّه لَجَيَّاءٌ بِخَيْرٍ ، كَكَتَّان ، وهو نادرٌ ، كما حكاه سيبويه ويقال : جَئَّاءٌ (١) بقلب الياء همزة وجَائِئٌ حكاه ابن جِنِّي على الشذوذ ، والمعنى كَثيرُ الإِتْيان وأَجَأْتُه أَي جِئْتُ به ، وأَجأْتُه إِليه أَي أَلْجَأْتُه واضطررته إِليه (٢) قال زُهير :
وجَارٍ سَارَ مُعْتمِداً إِليْكُمْ |
|
أَجَاءَتْهُ المَخَافَةُ والرَّجاءُ |
فَجَاوَرَ مُكْرَماً حَتَّى إِذَا مَا |
|
دَعَاهُ الصَّيْفُ وَانْقَطَعَ الشِّتَاءُ |
ضَمُنْتُمْ مَالَه وَغَدَا جَمِيعاً |
|
عَلَيْكُمْ نَقْصُهُ ولَهُ النَّمَاءُ |
قال الفرّاءُ : أَصلُه من جِئْتُ وقد جَعَلته العرب إِلْجَاءً.
وجَاءَأَني بهمزتين وهِمَ فيه الجَوْهَرِيُّ وصَوابُه جَايَأَنِي بالياء مبدلة بالهمزة لِأَنّه مُعْتَلُّ العَيْنِ مَهمُوزُ اللَّامِ لا عَكْسُه أَي مهموز العين معتلّ اللام فَجِئْتُه أَجِيئُه : غَالَبَنِي بِكَثْرَةِ المَجِيءِ فَغَلَبْتُه أَي كنتُ أَشدَّ مَجِيئاً منه ، والذي ذكره المصنّف هو القياس ، وما قاله الجوهريُّ وهو المسموع عن العرب ، كذا أَشار إِليه ابنُ سِيده.
والجَيْئةُ بالفتح والجَايِئةُ (٣) : القَيْحُ والدَّمُ الأَوّل ذَكَره أَبو عمرٍو في كتاب الحروب ، وأَنشد :
تَخَرَّقَ ثَفْرُهَا أَيَّامَ خُلَّتْ |
|
عَلَى عَجَلٍ فَجِيبَ بِهَا أَدِيمُ |
فَجَيَّأَهَا النِّسَاءُ فَجَاءَ مِنْها |
|
قَبَعْذَاةٌ وَرَادِعَةٌ رَذُومُ |
أَو قَبَعْثَاةٌ ، على الشكّ ، شَكَّ أَبو عمرٍو ، وأَنشد شَمر :
فَجَيَّأَها النِّسَاءُ فخَانَ مِنْهَا |
|
كَبَعْثَاةٌ وَرَادِفَةٌ رَذُومُ |
وقال أَبو سعيد : الرَّذُوم مُعْجَمة ، لأَن ما رَقَّ من السَّلْح يَسيلُ ، وفي أَشعار بني الطَمَّاح في تَرجمة الجُمَيح بن الطَّمَّاح :
تَخرَّم ثَفْرُهَا أَيَّامَ حَلَّتْ |
|
عَلَى نَمَلَى فَجِيبَ لَها أَدِيمُ |
فَجَيَّأَها النِّسَاءُ فَجَاءَ مِنْهَا |
|
قَبَعْثَاةٌ وَرَادِفَةٌ رَذُومُ |
قَبَعْثَاة : عَفَلَةٌ ، كذا في العُباب والجَيْءُ والجِيءُ بالفتح والكسر : الدُّعَاءُ إِلى الطَّعامِ والشَّرابِ ، وقولهم : لو كان ذلك في الهِيءِ والجيء ما نفعه ، قال أَبو عمرو : الهِيءُ بالكسر : الطعامُ ، والجِيءُ : الشراب وقال الأُموي : هما اسمان ، من قولك جَأجَأ بالإِبِلِ إِذا دَعَاهَا للشَّرْبِ وهَأْهَأَها إِذا دعاها للعَلَف ، وأَنشد لمُعاذٍ الهَرَّاء :
ومَا كَان عَلَى الهِيءِ |
|
وَلَا الجِيءِ امْتَدَاحِيكَا |
وقال شَمِرٌ : جَيَّأَ القِرْبَةَ إِذا خَاطَها.
والمُجَيَّأُ كَمُعَظَّمٍ هو العِذْيَوْطُ الذي يُحدث عند الجماع ، يقال : رَجُلٌ مُجَيَّأٌ إِذا جامع سَلَح ، قاله ابن السكيت.
والمُجَيَّأَةُ بِهَاءٍ هي المُفْضَاةُ التي تُحْدِثُ إِذا جُومِعَتْ عن ابن السكيت أَيضاً.
وعن ابن الأَعرابيّ : المُجَايَأَةُ : المُقَابَلَةُ يقال : جَايَأَني الرجلُ مِن قُرْب ، أَي قابَلني ، ومرَّ بي مُجَايَأَةً أَي مُقابلةً. وعن أَبي زيدٍ : المُجايَأَةُ : المُوافَقَةُ ، كالجِيَاءِ بالكسر يقال : جَايَأْتُ فُلاناً ، أَي وافقْتُ مَجيئَه (٤). ويقال : لو جَاوَزْتَ هذا المكانَ لَجايأْتَ الغَيْثَ مُجَايَأَةً وَجِيَاءً إِذا وافَقْته.
والجَيْئَةُ بالفتح : مَوْضِعٌ كالنُّقْرَةِ أَو هي الحُفْرة العظيمة يَجْتمِعُ (٥) فيه الماءُ ، كالجِئةِ على وزن عِدَة ، وقوله : كَجِعَةِ وَجِيعَةٍ جاءَ بهما للوزن ، ولو لم يكونا مُستعْمَلين ، ثم إِن قوله : وَجِيعَة يدلُّ على أَنَّ الجِيئة بالكسر ، كذا هو مَضْبوط عندنا ، والصواب أَنه بالفتح ، والكسر إِنما هو في المقصور فقط ، كما صرح به الصاغاني وغيره ، وأَنشد للكُمَيْت :
ضَفَادِعُ جَيْئَةٍ حَسِبَتْ أَضَاةً |
|
مُنَضِّبَةً سَتَمْنَعُهَا وَطِينَا |
والأَعْرَفُ الجيَّةُ مُشَدَّدَةً بتشديد الياء لا بالهمزة والجَيْئة
__________________
(١) اللسان : وإنه لجيّاء بخير وجئّاء ، الأخيرة نادرة.
(٢) اللسان : وأَجاءَه إلى الشيء ، جاء به وأَلْجأَه واضطره إليه.
(٣) الأساس : جائية.
(٤) في المطبوعة الكويتية : «مجيئة» خطأ.
(٥) القاموس : الجَيئة الموضع يجتمع فيه الماء.