من حُلُوقِها قال امرؤُ القيس :
إِذا جَشَأَتْ سَمِعْتَ لها ثُغَاءً |
|
كأَنَّ الحَيَّ صَبَّحَهُمْ نَعِيُّ |
وجَشَأَ القَوْمُ : خَرَجُوا من بَلَدِ إِلى بلَدٍ قال العجاج :
أَحْرَاس نَاسٍ جَشَؤُوا وَمَلَّتِ |
|
أَرْضاً وأَحْوَالُ الجَبانِ اهْوَلَّتِ |
يقال : جَشَؤوا إِذا نَهَضوا من أَرضٍ إِلى أَرضٍ.
وروى شمر عن ابن الأَعرابيّ الجَشْءُ بفتح فسكون : الكَثير والجَشءُ أَيضاً : القَوْسُ الخَفيفَةُ (١) وقال الليث : هي ذات الإِرنان في صَوْتها ، قال أَبو ذُؤَيب :
ونَمِيمَةٍ منْ قَانِصٍ مُتَلَبِّبٍ |
|
في كَفِّه جَشْءٌ أَجَشُّ وَأَقْطُعُ |
وقال الأَصمعي : هو القَضيب من النَّبْع الخفيف ج أَجْشَاءٌ كفَرْخ وأَفراخ ، على غير قياس. وصرَّح ابنُ هشامٍ بقِلَّته وجَشَآتُ محركة ممدودة جمع سلامة المؤنث والتَّجَشُّؤُ : تَنفُّسُ المَعِدَةِ عند امتلائها كالتَّجْشِئَةِ قال أَبو محمدٍ الفَقْعَسيُّ :
لم يَتَجَشَّأْ عَنْ طَعَامٍ يُبْشِمُهُ |
|
وَلَمْ تَبِتْ حُمَّى بِهِ تُوَصِّمُهْ |
وجَشَأَت المَعِدَة وتَجشَّأَت : تَنَفَّسَتْ والاسم جُشَأَة وجُشَاءٌ كَهُمَزَةٍ وغُرَاب الأَخير قاله الأَصمعي ، وكأَنه من باب العُطاس والدُّوَار ، وقال بعضٌ : إِن الجُشَأَة كهُمَزَة من صيغ المُبَالغة ومَعْناه : الكثيرُ الجُشَاءِ والأَحزانِ ، وكان عليُّ بن حمزة يَذهب إِلى ما ذَهب إِليه الأَصمعي وجُشْأَة مثل عُمْدَة وهو في المحكم ، وسقط من بعض النسخ.
واجْتَشَأَ فُلانٌ البِلادَ وكذلك اجتَشَأَتْه البلادُ إِذا لم تُوافِقْه كأَنه استوخَمَهَا ، من جَشَأَت نفسي (٢).
وَجُشَاءُ الليلِ والبَحْرِ ، بالضَّمِّ : دُفْعَتُهما (٣) بالمرَّة ، ويقال : الأَعميانِ هما السَّيْلُ واللَّيْلُ ، فإِنَّ دُفْعتَهما شديدةٌ.
* ومما يستدرك عليه :
سهم جَشْءٌ : خفيفٌ ، حكاه يعقوبُ في المُبدل ، وأَنشد :
وَلَوْ دَعَا نَاصِرَه لَقِيطَا |
|
لَذَاقَ جَشْئاً لَمْ يَكُنْ مَلِيطَا |
المَليط : الذي لا رِيشَ عليه.
وجَشَأَت الأَرضُ : أَخرجَتْ جميعَ نَبْتِها (٤) ، كما يقال : قاءَت الأَرضُ : أُكُلَها ، وهو مجاز.
وقد يُستعار الجُشْأَة للفَجْر ، وقد جاءَ في بعض الأَشعار وقال عليُّ بن حمزة : الجُشْأَة : هُبوبُ الرِّيح عند الفجر.
وجَشَأَ فُلانٌ عن الطعامِ إِذا اتَّخَم فَكرِهَ الطعامَ.
وَجَشأَتِ الوَحْشُ : ثارَتْ ثورةً واحدةً.
[جفأ] : جَفَأَه كَمَنَعَه : رماه وصَرَعه على الأَرض ، وكذلك جَفَأَ به الأَرضَ وجفَأَ البُرْمَةَ في القَصْعَةِ جَفْأً : كَفَأَها وأَمالها (٥) فَصَبّ ما فيها قال الراجز :
جَفْؤُكَ ذَا قِدْرِكَ لِلضِّيفَانِ |
|
جَفْأً عَلَى الرُّغْفَانِ فِي الجِفَانِ |
خَيْرٌ مِنَ العَكِيسِ بالأَلْبَانِ |
وفي حديث خَيْبَرَ أَنه حَرَّمَ الحُمُرَ الأَهليَّة فَجَفَئُوا القُدورَ ، أَي فَرَّغوها وقَلَبُوها. قال شيخنا : وهو ثُلاثيٌّ في الفصيح من الكلام ، وأُهمِل الرباعيُّ ، قال الجوهري : ولا تَقُلْ أَجفأْتُها ، وقد وَرد في بَعْضِ الروايات «فأَجْفَئُوها» (٦). قال ابن سِيده : المعرُوف بغير أَلف ، وقال الجوهري : هي لُغةٌ مَجهولة. وقال ابن الأَثير : قَليلة ، وأَوردها الزمخشريّ من غير تَعَقُّبٍ فقال في الفائق : جفأَ القِدَر وأَجفَأَها وكَفأَها وأَكْفَأَهَا : مَيَّلَهَا. قلت ويروى : «فَأَمَر بالقُدُورِ فَكُفِئَتْ» ويروى «فَأُكْفِئَتْ» وجَفَأَ الوادِي والقِدْرُ إِذا رَمَيَا بالجُفَاءِ أَي الزَّبَدِ عند الغَلَيانِ كأَجْفَأَ وهي لغة ضعيفةٌ كما في العُباب ، وقد تقدَّم ويقال : جَفَأَ القِدْرَ إِذا مَسَحَ
__________________
(١) الصحاح. وفي المجمل : الجشء مهموز وغير مهموز القوس الغليظة.
(٢) عن المجمل واللسان ، وبالأصل : جشأته نفسي.
(٣) اللسان : دفعته.
(٤) الأساس : نباتها.
(٥) اللسان : أكفأها ، أو أمالها.
(٦) في اللسان : وفي الحديث : فأجفؤوا القدور بما فيها ، والمعروف بغير ألف.