مطالعة الكتب والتفكّر في مشكلات العلوم (١).
وفي الثاني (٢) : وحكى أيضا أنّ بعض زوّار النجف أصابه في الطريق فلم يعرفه لرثاثة أثوابه ، فطلب منه أن يغسل ثياب سفره وقال : أريد أن تزيح عنها درن الطريق فتقبّل منه ذلك ، وباشر بنفسه قصارتها وتبييضها إلى أن فرغ منها ، فجاء بها إلى الرجل ليسلّمها فاتفق أن عرفه الرجل في هذه المرة ، وجعل الناس يوبّخونه على هذا العمل وهو يمنعهم عن الملامة ويقول : إنّ حقوق إخواننا المؤمنين أكثر من أن يقابل بها غسل ثياب.
قال : وكان يلبس ما يصل إليه بطريق الحلال رديا كان أم سنيّا ، ويقول : إنّ المستفاد من الأحاديث الكثيرة ، وطريقة الجمع بين الأخبار ، أنّ الله يحب أن يرى أثر ما ينعمه على عباده عند السعة ، كما يحب الصبر على القناعة عند الضيق ، فكان لا يردّ من أحد شيئا ، ومتى التمس أحد منه أن يلبسه شيئا من الأثواب النفيسة يلبسها ، وتكرّر أنه يهدى إليه شيء من العمامات الغالية التي تعادل قيمتها ما يكون من الذهب الخالص فيخرج به إلى الزيارة ، ثم إذا طلب أحد من السائلين شيئا منه يخرق قطعة منه لأجله ، وهكذا إلى أن يبقى إلى رأسه ذراعا من ذلك الثوب النفيس عند وروده إلى بيته (٣) ، وذكر ما يقرب منه في الأنوار أيضا (٤).
وقال السيد نعمة الله الجزائري في المقامات (٥) : إنّ المولى أحمد الأردبيلي
__________________
(١) روضات الجنات ١ : ٨١.
(٢) أي حدائق المقربين.
(٣) روضات الجنات ١ : ٨٢.
(٤) الأنوار النعمانية ٢ : ٣٠٢.
(٥) وهي مقامات النجاة مرتب على ٩٩ مقاما.
انظر الذريعة ٢٢ : ١٤ / ٥٧٨٧.