وقيل : إنه كان يطلب من بعض الأفاضل كتابا لينسخه ، وكان يأبى عليه ، وكان كتابا كبيرا جدّا ، فاتفق أنه أخذه منه مشترطا بأنه لا يبقى عنده غير ليلة واحدة ، وهذا كتاب لا يمكن نسخة إلاّ في سنة أو أكثر ، فأتى به الشيخ رحمهالله وشرع في كتابته في تلك الليلة ، فكتب منه صفحات وملّ ، وإذا برجل دخل عليه من الباب بصفة أهل الحجاز ، فسلّم وجلس ثم قال : أيّها الشيخ ، تمسطر لي الأوراق وأنا أكتب ، فكان الشيخ يمسطر له الورق وذلك الرجل يكتب ، وكان لا يلحق المسطر بسرعة كتابته ، فلمّا نقر ديك الصباح وصاح ، وإذا الكتاب بأسره مكتوب تماما.
وقد قيل : إن الشيخ لمّا ملّ الكتابة نام ، فانتبه فرأى الكتاب مكتوبا ، وصرّح في المجالس بأنه كان هو الحجة عليهالسلام (١).
وهذا الشيخ الجليل يروي عن جماعة من النواميس العظام ، وحفّاظ شريعة خير الأنام عليه وآله الصلاة والسلام.
الأول : الشيخ الجليل مفيد الدين محمّد بن علي بن محمد بن جهم الأسدي أحد المشايخ الفقهاء الأجلّة ، وهو الذي لمّا سأل الشيخ الأعظم الخواجه نصير الدين عن المحقق نجم الدين ، لمّا حضر عنده بالحلة ، واجتمع عنده فقهاؤها : من أعلم الجماعة بالأصولين؟ فأشار في الجواب إليه وإلى والد العلامة ، وقال : هذان أعلم الجماعة بعلم الكلام وأصول الفقه.
عن السيد المؤيد فخار بن معد.
الثاني : الحكيم المتألّه كمال الدين ميثم بن علي بن ميثم البحراني ، صاحب الشروح الثلاثة على نهج البلاغة ، وشارح مائة كلمة من كلمات أمير المؤمنين عليهالسلام ، قد أفرد في شرح حاله بالتأليف المحقق البحراني الشيخ
__________________
(١) مجالس المؤمنين ١ : ٥٧٣.