زمانهم ـ أن يناظر مع آية الله العلامة ، وهيّأ مجلسا عظيما مشحونا بالعلماء والفضلاء ، فأثبت العلامة ـ رفع الله تعالى أعلامه ـ بالبراهين القاطعة ، والدلائل الساطعة ، خلافة أمير المؤمنين عليهالسلام بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بلا فصل ، وأبطل خلافة الثلاثة ، بحيث لم يبق للقاضي مجال مدافعة وإنكار ، بل شرع في مدح العلامة واستحسن أدلّته.
قال : غير أنّه لمّا سلك السلف سبيلا فاللازم على الخلف أن يسلكوا سبيلهم ، لإلجام العوام ، ودفع تفرّق كلمة الإسلام ، ويستر زلاّتهم ، ويسكت في الظاهر عن الطعن عليهم. ودخل السلطان وأكثر أمرائه في ذلك المجلس في مذهب الإمامية ـ كثرهم الله تعالى ـ وتابوا من البدع التي كانوا عليها ، وأمر السلطان في تمام ممالكه بتغيير الخطبة ، وإسقاط أسامي الثلاثة عنها ، وبذكر أسامي أمير المؤمنين وسائر الأئمة عليهمالسلام على المنابر ، وبذكر ( حي على خير العمل ) في الأذان ، وبتغيير السكة ونقش الأسامي المباركة عليها.
ولمّا انقضى مجلس المناظرة خطب العلامة خطبة بليغة شافية ، وحمد الله تعالى وأثنى عليه ، وصلّى على النبي صلّى الله عليه وعلى آله.
فقال السيد ركن الدين الموصلي الذي كان ينتظر عثرة منه ـ ولم يعثر عليها ـ : ما الدليل على جواز الصلاة على غير الأنبياء عليهمالسلام. فقرأ العلامة رحمهالله قوله تعالى : ( الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ. أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ) (١).
فقال الموصلي : ما الذي أصاب عليا وأولاده عليهمالسلام من المصيبة حتى استوجبوا الصلاة عليهم؟
فعدّ الشيخ بعض مصائبهم ، ثم قال : أيّ مصيبة أعظم عليهم من أن
__________________
(١) البقرة ٢ : ١٥٦ ـ ١٥٧.