وفي سنة تسع وسبعمائة أتى ابن صدرجهان الحنفي من بخارى إلى خدمة السلطان ، فشكا إليه الحنفية من القاضي نظام الدين ، وأنه أذلّنا عند السلطان وأمرائه ، فألطف بهم ووعدهم إلى أن كان في يوم الجمعة في محضر السلطان ، سأل القاضي مستهزئا عن جواز نكاح البنت المخلوقة من ماء الزنا على مذهب الشافعي فقرره القاضي ، وقال : هو معارض بمسألة نكاح الأخت والأم في مذهب الحنفية ، فطال بحثهما وآل إلى الافتضاح ، وأنكر ابن صدر الحنفي ذلك ، فقرأ القاضي من منظومة أبي حنيفة :
وليس في لواطة من حدّ |
|
ولا بوطء الأخت بعد عقد |
فأفحموا وسكتوا وملّ السلطان وأمراؤه ، وندموا على أخذهم مذهب الإسلامية (١) ، وقام السلطان مغضبا ، وكانت الأمراء يقول بعضهم لبعض : ما فعلنا بأنفسنا؟! تركنا مذهب آبائنا وأخذنا دين العرب المنشعب إلى مذاهب ، وفيها نكاح الأم والأخت والبنت ، فكان لنا أن نرجع إلى دين أسلافنا. وانتشر الخبر في ممالك السلطان ، وكانوا إذا رأوا عالما أو مشتغلا يسخرون منهم ويستهزئون بهم ، ويسألونهم عن هذه المسائل.
وفي هذه الأيام وصل السلطان في مراجعته إلى كلستاني ، وكان فيه قصر بناه أخوه السلطان غازان خان فنزل السلطان مع خاصته فيه.
فلمّا كان الليل أخذهم رعد وبرق ومطر عظيم في غير وقته بغتة ، وهلك جماعة من مقرّبي السلطان بالصاعقة ، ففزع السلطان وأمراؤه وخافوا ، فرحلوا منه على سرعة. فقال له بعض أمرائه : إنّ على قاعدة المغول لا بدّ أن يمرّ السلطان على النار ، فأمر بإحضار أساتيذ هذا الفن فقالوا : إنّ هذه الواقعة من
__________________
(١) كذا ، ولعل الصحيح : بالمذاهب الإسلامية.