والتحقيق ، ومفتح أبواب الفكر والتدقيق ، شيخ الطائفة في زمانه ، وعلامة عصره وأوانه ، نور الدين أبو الحسن علي بن الحسين بن عبد العالي العاملي الكركي ، الفقيه المجتهد الكبير ، الملقب تارة بالشيخ العلائي ، واخرى بالمحقق الثاني ، الأجل من أن يوصف ويمدح.
وكان فقيه عصره صاحب جواهر الكلام يقول : من كان عنده جامع المقاصد والوسائل والجواهر ـ يعني مؤلفه ـ لا يحتاج بعدها إلى كتاب آخر للخروج عن عهدة الفحص الواجب على الفقيه في آحاد المسائل الفرعية (١).
سافر في أوائل أمره ـ كما تقدم في فوائد الإجازة (٢) ـ إلى بلاد مصر ، وأخذ من علمائها بعد الأخذ من علماء الشام ، وسافر إلى عراق العرب وأقام بها زمانا طويلا ، ثم سافر إلى بلاد العجم في زمن سلطنة الشاه إسماعيل سنة غلبة السلطان على شاه بيك خان ـ ملك الأوزبك ـ وذلك بعد ظهور دولته بعشر سنين ، وبعد دخوله هراة دخل عليه الشيخ بها ، واتصل بصحبته ، وكان المولى سيف الدين أحمد بن يحيى بن محمّد بن المولى سعد الدين التفتازاني ـ المعروف ـ يومئذ شيخ الإسلام بها.
قال الميرزا بيك المنشئ الجنابذي المعاصر للشاة عباس الماضي في تاريخه (٣) كما في الرياض : إن المولى سيف الدين المذكور قد كان في جملة علماء السنة الذين جمعوا في دار الإمارة بهرات ، لتعيين المنزل لحضرة الشاه إسماعيل الماضي الصفوي يوم وصل خبر فتحه إلى الهرات ، وغلبته على شاه بيك خان ملك الأوزبك ، وقهره وقتله. ثم قال : إن السلطان شاه إسماعيل أمر بقتل المولى
__________________
(١) جواهر الكلام ١ : ١٤.
(٢) انظر صفحة : ١٩.
(٣) فيما يختص بالتاريخ المذكور انظر الذريعة ٣ : ٢٤٩ / ٩٢٣.